“الحصن البحريني” القوي في مواجهة “الخافي”

| سعيد محمد

لم‭ ‬تعد‭ ‬بيانات‭ ‬الشجب‭ ‬والاستنكار‭ ‬والرفض‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬موجة‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬ممارسات‭ ‬هناك‭ ‬أو‭ ‬استهداف‭ ‬مقصود‭ ‬أو‭ ‬قل‭ ‬“هجمة‭ ‬مدروسة”‭ ‬هي‭ ‬وحدها‭ ‬التي‭ ‬تكفي‭ ‬لتكون‭ ‬حائط‭ ‬صد‭ ‬قوي‭ ‬يحمي‭ ‬“المجتمع”‭ ‬خصوصًا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬صاحب‭ ‬ذلك‭ ‬موجة‭ ‬إعلامية‭ ‬عارمة‭.. ‬بالتأكيد،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬إظهار‭ ‬المواقف‭ ‬الثابتة‭ ‬والرافضة‭ ‬حيال‭ ‬أي‭ ‬“هجمة”‭ ‬تستهدف‭ ‬الوطن‭ ‬وقيادته‭ ‬وأهله،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬اللازم‭ ‬الارتكاز‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬واقعي‭ ‬حقيقي‭ ‬يقوم‭ ‬أساسًا‭ ‬على‭ ‬“قوة‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية”‭ ‬للمجتمع،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معروف،‭ ‬فإن‭ ‬“الحصن‭ ‬البحريني”،‭ ‬قوي‭ ‬بدفاع‭ ‬أهله،‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬الخلاف‭ ‬والاختلاف‭ ‬والمواقف‭ ‬تجاه‭ ‬قضية‭ ‬ما،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المراحل‭ ‬والأزمات،‭ ‬أثبت‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬ولاءهم‭ ‬وانتمائهم‭ ‬والتفافهم‭ ‬ووحدة‭ ‬صفهم‭ ‬في‭ ‬دفاعهم‭ ‬عن‭ ‬وطنهم،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬“المحور‭ ‬الأقوى‭ ‬على‭ ‬الإطلاق”‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الظاهر‭ ‬والخفي‭ ‬مما‭ ‬يستهدف‭ ‬الوطن‭.‬

لكن‭ ‬السؤال‭ ‬هو‭ :‬”متى‭ ‬تتعرض‭ ‬الأوطان‭ ‬للمخاطر‭ ‬الشديدة‭ ‬ذات‭ ‬التأثير‭ ‬المهدد‭ ‬للوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والاستقرار‭ ‬وسلامة‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي؟”،‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬حينما‭ ‬تكون‭ ‬المجتمعات‭ ‬“متهتكة”‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬بحيث‭ ‬ترتفع‭ ‬فيها‭ ‬مخاطر‭ ‬“القابلية”‭ ‬للتأثر‭ ‬بحملات‭ ‬الاستهداف‭ ‬والموجات‭ ‬الإعلامية،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬جبهة‭ ‬المجتمع‭ ‬الداخلية‭ ‬واعية‭ ‬وقوية‭ ‬ومدركة‭ ‬للمخاطر،‭ ‬ومتجاوزة‭ ‬للخلافات‭ ‬–‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬حجمها‭ ‬وتأثيرها‭ ‬–‭ ‬ومتحدة‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬ثوابتها‭ ‬الوطنية،‭ ‬هنا،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬قوة‭ ‬الموجة‭ ‬وآلياتها‭ ‬ومضامينها،‭ ‬فإنها‭ ‬تصطدم‭ ‬بحائط‭ ‬“الموقف‭ ‬الوطني‭ ‬الموحد”‭ ‬وتفشل،‭ ‬وهنا‭ ‬أيضًا،‭ ‬يتقدم‭ ‬دور‭ ‬المبادرات‭ ‬والتوافق‭ ‬والعمل‭ ‬الوطني‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الفئات‭ ‬والتيارات‭ ‬والطوائف،‭ ‬للاتفاق‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬حلول‭ ‬لمختلف‭ ‬القضايا‭ ‬والملفات‭ ‬ومسببات‭ ‬الأزمات‭ ‬وتداعياتها،‭ ‬فالمبادرات‭ ‬الوطنية‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬الكيان‭ ‬الوطني‭ ‬بجهود‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬المخلصين‭ ‬والمؤمنين‭ ‬بدورهم‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬قواعد‭ ‬المواطنة‭ ‬والحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬ضمن‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬والمؤسسات،‭ ‬ووفق‭ ‬الإدراك‭ ‬العميق‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬بأهمية‭ ‬بدورهم‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬بوطنهم‭ ‬وصيانة‭ ‬سلمه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ووحدته‭ ‬الوطنية،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬مشاركة‭ ‬الجميع‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬نهضة‭ ‬الوطن‭ ‬وتقدمه‭.‬

وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬فإن‭ ‬قيادته‭ ‬وأبناءه‭ ‬شيدوا‭ ‬“حصنًا”‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬صد‭ ‬الهجمات‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬نوعها‭ ‬ومصدرها؛‭ ‬لإيمانهم‭ ‬بأن‭ ‬قضاياهم‭ ‬وشؤونهم‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬واقعها‭ ‬“شأن‭ ‬يخصهم‭ ‬وحدهم‭ ‬وهم‭ ‬الأقدر‭ ‬والأجدر‭ ‬على‭ ‬التعاطي‭ ‬معها‭ ‬بتواصلهم‭ ‬مع‭ ‬قيادتهم‭ ‬وتفاهمهم‭ - ‬أفرادًا‭ ‬ومؤسسات‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مبادرة‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬هي‭ ‬موضع‭ ‬اهتمام‭ ‬وتقدير‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬“،‭ ‬وكلما‭ ‬نجحت‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬وأتت‭ ‬ثمارها‭ ‬كلما‭ ‬تضاعفت‭ ‬قوة‭ ‬الساحة‭ ‬الداخلية،‭ ‬وأصبحت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إفشال‭ ‬مخططات‭ ‬الاستهداف،‭ ‬والأمل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬الجميع‭ ‬وفق‭ ‬“استراتيجية‭ ‬وطنية”‭ ‬ترفع‭ ‬مصالح‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬وتضع‭ ‬حلولًا‭ ‬لكل‭ ‬الملفات‭ ‬والقضايا،‭ ‬ليكون‭ ‬مآل‭ ‬كل‭ ‬استهداف‭ ‬“ممنهج”‭ ‬إلى‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع‭.‬