ومضة قلم

“البحرنة محلك سر”

| محمد المحفوظ

منذ‭ ‬سنوات‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬البحرنة‭ ‬الشغل‭ ‬الشاغل‭ ‬لأغلبية‭ ‬المواطنين،‭ ‬وكان‭ ‬الأمل‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬الأصداء‭ ‬الحقيقية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المؤلم‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬الشركات‭ ‬وحتى‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬إلى‭ ‬العكس‭ ‬تماما،‭ ‬فإحدى‭ ‬أكبر‭ ‬الشركات‭ ‬وأعرقها‭ ‬تراجعت‭ ‬فيها‭ ‬نسبة‭ ‬العمالة‭ ‬البحرينية‭ ‬فضلا‭ ‬عما‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬العمال‭ ‬الوافدون‭ ‬من‭ ‬امتيازات،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تجاوز‭ ‬أعمارهم‭ ‬سن‭ ‬التقاعد‭. ‬ألا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬مساواة‭ ‬البحريني‭ ‬بغيره‭ ‬في‭ ‬الرواتب‭ ‬والامتيازات،‭ ‬وهذه‭ ‬الشركة‭ ‬ليست‭ ‬إلا‭ ‬نموذجا‭ ‬واحدا‭ ‬بين‭ ‬عشرات‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تفضل‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬لأسباب‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬خافية‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬هيمنة‭ ‬مدراء‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬فيها،‭ ‬والعامل‭ ‬الآخر‭ ‬هو‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الرقابة،‭ ‬وإزاء‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يتوقعه‭ ‬المواطن؟

في‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬تقدمت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬النيابيّ‭ ‬رسميا‭ ‬بطلب‭ ‬تشكيل‭ ‬أول‭ ‬لجنة‭ ‬تحقيق‭ ‬برلمانية‭ ‬للبحرنة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬دور‭ ‬الانعقاد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬الخامس،‭ ‬والذي‭ ‬دفعهم‭ ‬لتشكيل‭ ‬اللجنة‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬قيام‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬ببحرنة‭ ‬الوظائف‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬وضمت‭ ‬اللجنة‭ ‬أربعة‭ ‬أعضاء‭ ‬وتضمنت‭ ‬ثلاثة‭ ‬مطالب‭ ‬أبرزها‭ ‬التحقيق‭ ‬بشأن‭ ‬المعوقات‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬بحرنة‭ ‬الوظائف‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬التزام‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بتطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬والقرارات‭ ‬واللوائح‭ ‬الداخلية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬ببحرنة‭ ‬الوظائف،‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬أوضاع‭ ‬العمال‭ ‬غير‭ ‬البحرينيين‭ ‬ونوعية‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬يشغلونها‭ ‬ثم‭ ‬أسباب‭ ‬عدم‭ ‬بحرنة‭ ‬الوظائف‭. ‬

ورغم‭ ‬أنّ‭ ‬المهلة‭ ‬القانونية‭ ‬المعطاة‭ ‬للجنة‭ ‬لتقديم‭ ‬النتائج‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬فترة‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬التحقيق،‭ ‬إلاّ‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬لم‭ ‬نشهد‭ ‬لها‭ ‬أية‭ ‬نتائج‭. ‬كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬لو‭ ‬أنّ‭ ‬اللجنة‭ ‬كانت‭ ‬صريحة‭ ‬معنا‭ ‬بذكر‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أعاقت‭ ‬سير‭ ‬عملها‭ ‬لكنها‭ ‬اكتفت‭ ‬بالصمت‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬مقبولاً‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭.‬

ولا‭ ‬يبدو‭ ‬وضع‭ ‬البحرنة‭ ‬أفضل‭ ‬حالا‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬الخاص،‭ ‬ولعل‭ ‬الدليل‭ ‬هنا‭ ‬ما‭ ‬كشف‭ ‬عنه‭ ‬أحد‭ ‬النواب‭ ‬بأنّ‭ ‬المتوسط‭ ‬السنوي‭ ‬لرواتب‭ ‬الموظفين‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬تجاوز‭ ‬6‭ ‬ملايين‭ ‬و864‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭!.‬