الحَشد الذي يُناوِر بين باب القانون وشبّاك الطائفية (2)

| مصطفى القرة داغي

الحَشد‭ ‬مُختِرق‭ ‬لأغلب‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬ومُمسِك‭ ‬بالأرض‭ ‬ويَحظى‭ ‬بشَعبية،‭ ‬فمن‭ ‬أين‭ ‬للسلطة‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬مَرسوم‭ ‬يُقيّده‭ ‬ويَحد‭ ‬مِن‭ ‬قدراته‭! ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬سيُجبِره‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ومَن‭! ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬هيئة‭ ‬الحشد‭ ‬قيام‭ ‬مليشياتها‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬بعملية‭ ‬عسكرية‭ ‬غرب‭ ‬العراق،‭ ‬ظاهرها‭ ‬حجة‭ ‬ملاحقة‭ ‬فلول‭ ‬داعش،‭ ‬وباطنها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬رسالة‭ ‬تجاهل‭ ‬لمرسوم‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬مفادها‭ ‬أننا‭ ‬باقون‭ ‬ونتمدد‭. ‬أو‭ ‬بَعدما‭ ‬أشيع‭ ‬عَن‭ ‬ترشيح‭ ‬شَخصية‭ ‬مُوالية‭ ‬لإيران‭ ‬لتولي‭ ‬مَنصب‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬لشؤون‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬وهو‭ ‬المَدعو‭ ‬أبوزينب‭ ‬اللامي،‭ ‬مَسؤول‭ ‬أمن‭ ‬الحَشد،‭ ‬والمُرافق‭ ‬الشخصي‭ ‬لقاسم‭ ‬سليماني‭! ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُعزز‭ ‬قناعاتنا‭ ‬ومخاوفنا‭ ‬مِن‭ ‬احتمالية‭ ‬أن‭ ‬يُستَغل‭ ‬هذا‭ ‬المَرسوم،‭ ‬كما‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬سَبقه،‭ ‬لتغلغل‭ ‬الحَشد‭ ‬ضِمن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬وتمكينه‭ ‬منها‭ ‬بحجة‭ ‬دَمجه‭ ‬فيها،‭ ‬كما‭ ‬حَصل‭ ‬مَع‭ ‬خطوة‭ ‬دَمج‭ ‬أعضاء‭ ‬أحزاب‭ ‬المعارضة‭ ‬الإسلامية‭ ‬سابقاً،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الغرض‭ ‬مِن‭ ‬إقراره‭ ‬أصلاً‭!‬

لذا‭ ‬فما‭ ‬يَدعوني‭ ‬إلى‭ ‬تَذَكّر‭ ‬أغنية‭ ‬الراحلة‭ ‬فائزة‭ ‬أحمد‭ ‬كُلما‭ ‬ذُكِر‭ ‬الحَشد،‭ ‬هو‭ ‬ربما‭ ‬قناعتي‭ ‬بأن‭ ‬أية‭ ‬مُحاولة‭ ‬لإخراجه‭ ‬من‭ ‬الباب‭ ‬بقانون‭ ‬أو‭ ‬مَرسوم،‭ ‬سَتليها‭ ‬خطوة‭ ‬إدخاله‭ ‬أو‭ ‬دخوله‭ ‬هو‭ ‬بطريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬سَريعاً‭ ‬وبلَمح‭ ‬البَصَر‭ ‬مِن‭ ‬شباك‭ ‬الدفاع‭ ‬عَن‭ ‬المَذهب‭ ‬والمُقدّسات،‭ ‬أو‭ ‬نُصرة‭ ‬مَظلومية‭ ‬الطائفة،‭ ‬ولأنه‭ ‬بات‭ ‬مَنظومة‭ ‬عِملاقة‭ ‬للجَهل‭ ‬والفساد‭ ‬المُشَرعَن،‭ ‬تُؤمِن‭ ‬بها‭ ‬وتعتاش‭ ‬عليها‭ ‬ملايين‭ ‬النفوس‭ ‬الضَعيفة‭ ‬والعيون‭ ‬الجَوعانة،‭ ‬التي‭ ‬وَجَدت‭ ‬في‭ ‬فوضاه‭ ‬وهَمجيته‭ ‬فرصة‭ ‬للتنفيس‭ ‬عَن‭ ‬أمراضها‭ ‬المزمنة‭ ‬وعُقدها‭ ‬المتفاقمة،‭ ‬وللتعويض‭ ‬عَن‭ ‬خيباتها‭ ‬المُتواصِلة‭ ‬وفَشَلها‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬ذاتها‭ ‬الإنسانية‭.‬

لكن‭ ‬بالنهاية‭ ‬تبقى‭ ‬خطوة‭ ‬السيد‭ ‬عادل‭ ‬عبدالمهدي‭ ‬جَريئة،‭ ‬وفيها‭ ‬مُجازفة‭ ‬مِن‭ ‬قِبَل‭ ‬رَجُل‭ ‬لم‭ ‬يَعُد‭ ‬مَدعوماً‭ ‬بحزب‭ ‬قوي‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬وأقصد‭ ‬المَجلس‭ ‬الأعلى،‭ ‬الذي‭ ‬تَفَكّك‭ ‬وبات‭ (‬طشاره‭ ‬مالة‭ ‬والي‭). ‬“إيلاف”‭.‬

 

“هناك‭ ‬مخاوف‭ ‬مِن‭ ‬احتمالية‭ ‬أن‭ ‬يُستَغل‭ ‬المَرسوم‭ ‬فيتغلغل‭ ‬الحَشد‭ ‬ضِمن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬ويتمكن‭ ‬منها‭ ‬بحجة‭ ‬دَمجه‭ ‬فيها”‭.‬