ستة على ستة

التوازن الهش بين واشنطن وطهران

| عطا السيد الشعراوي

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تركز‭ ‬فيه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحليلات‭ ‬والدراسات‭ ‬على‭ ‬احتمالات‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬بين‭ ‬أميركا‭ ‬وإيران‭ ‬وحدودها‭ ‬وتداعياتها‭ ‬وموازين‭ ‬القوى‭ ‬فيها،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬التحليلات‭ ‬اتخذت‭ ‬المسار‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬يهتم‭ ‬بكيفية‭ ‬منع‭ ‬نشوب‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬المقال‭ ‬الذي‭ ‬نشرته‭ ‬مؤخرا‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬الناشطة‭ ‬الأميركية‭ ‬جودي‭ ‬وليامز‭ ‬والناشطة‭ ‬الإيرانية‭ ‬شيرين‭ ‬عبادي‭ ‬وعبرا‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬مخاوفهما‭ ‬من‭ ‬تطورات‭ ‬الأوضاع‭ ‬وخصوصا‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬طهران‭ ‬أنها‭ ‬تجاوزت‭ ‬الحد‭ ‬المسموح‭ ‬لتخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬بحسب‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬المبرم‭ ‬عام‭ ‬2015م،‭ ‬وتهديدها‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬التصعيدية‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية‭.‬

الأطروحة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للكاتبتين‭ ‬هي‭ ‬الحث‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬ضغط‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬من‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬الأخرى‭ ‬الموقعة‭ ‬على‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬عام‭ ‬2015م،‭ ‬والبدء‭ ‬بكتابة‭ ‬مسودة‭ ‬اتفاق‭ ‬مناسب‭ ‬للطرفين‭ ‬لحماية‭ ‬التوازن‭ ‬الهش‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭. ‬ورغم‭ ‬الهدف‭ ‬النبيل‭ ‬لمقال‭ ‬النيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعالج‭ ‬المعضلة‭ ‬الرئيسية‭ ‬وهي‭ ‬كيفية‭ ‬التوصل‭ ‬لهذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬الجديد‭ ‬وهو‭ ‬الحل‭ ‬والشرط‭ ‬الذي‭ ‬يطالب‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬نفسه‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإيراني‭ ‬المتواصل‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭ ‬وتجاوزات‭ ‬طهران‭ ‬غير‭ ‬المشروعة،‭ ‬والتي‭ ‬اعترفت‭ ‬بها‭ ‬الصحيفة‭ ‬عندما‭ ‬حذرت‭ ‬مما‭ ‬وصفته‭ ‬بالسلوك‭ ‬المؤذي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إيران،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭.‬

الكاتبتان‭ ‬أشارتا‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استراتيجية‭ ‬الدفاع‭ ‬الإيرانية‭ ‬تقوم‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬مهاجمة‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بالدولتين‭ ‬أميركا‭ ‬وإيران‭ ‬فقط،‭ ‬إنما‭ ‬بدول‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬ولمخاوفها‭ ‬اعتبار‭ ‬ولرؤاها‭ ‬أهمية‭ ‬ومكانة‭ ‬عند‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬جديد‭ ‬ليكون‭ ‬كفيلا‭ ‬بتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬للمنطقة‭ ‬كلها‭ ‬ولا‭ ‬يجعلها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬توازن‭ ‬هش‭ ‬مهدد‭ ‬بغطرسة‭ ‬إيرانية‭ ‬وتفوق‭ ‬نووي‭ ‬وتدخلات‭ ‬خطيرة‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬غيرها‭ ‬ودعم‭ ‬متواصل‭ ‬لجماعات‭ ‬إرهابية‭ ‬تنوب‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الخراب‭ ‬والدمار‭.‬

“كيف‭ ‬يمكن‭ ‬التوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإيراني‭ ‬المتواصل‭ ‬بحق‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬والتجاوزات‭ ‬غير‭ ‬المشروعة؟”‭.‬