سوالف

لماذا لا تريد البشرية أياما هادئة؟!

| أسامة الماجد

لم‭ ‬تكن‭ ‬الحضارة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬وويلات‭ ‬وحروب‭ ‬وتطاحن‭ ‬وبلبلة‭ ‬واضطرابات،‭ ‬وكأن‭ ‬البشرية‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬الأيام‭ ‬الهادئة‭ ‬والتعارف‭ ‬والتقارب‭ ‬والتفاعل‭ ‬والتآلف‭ ‬والتعاطف‭ ‬والتراحم،‭ ‬فإنسان‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬أصبح‭ ‬يتسابق‭ ‬على‭ ‬اقتناء‭ ‬وشراء‭ ‬الأسلحة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬الإيمان‭ ‬بإنسانية‭ ‬الإنسان‭ ‬ومنزلة‭ ‬الإبداع‭ ‬وأهمية‭ ‬التفاعل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬البشري‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬الجميع،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يوظف‭ ‬كنوزه‭ ‬الخالدة‭ ‬بصفة‭ ‬أمينة‭ ‬واعية‭ ‬مركزة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سلك‭ ‬طريق‭ ‬التطور‭ ‬وإغلاق‭ ‬صوت‭ ‬المدافع‭ ‬وتقليم‭ ‬أظافر‭ ‬الحروب‭. ‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬الحروب‭ ‬والاضطرابات‭ ‬وتدبير‭ ‬المخططات‭ ‬والحملات‭ ‬الشريرة‭ ‬الموجهة‭ ‬“ضد‭ ‬البشرية”‭ ‬نفسها‭ ‬والإنسان‭ ‬نفسه‭ ‬وكأني‭ ‬بالأرض‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬القلب‭ ‬المحب‭ ‬الصافي‭ ‬الذي‭ ‬يشعل‭ ‬الأمل‭ ‬ويريها‭ ‬المرافئ‭ ‬المشرقة‭ ‬وسط‭ ‬الليل‭ ‬القاتم‭. ‬لماذا‭ ‬تتراشق‭ ‬البشرية‭ ‬بالحروب‭ ‬وتحاصر‭ ‬نفسها‭ ‬برياح‭ ‬الأحقاد‭ ‬وتزرع‭ ‬في‭ ‬دروبها‭ ‬أشواك‭ ‬المعاناة‭ ‬وتتمدد‭ ‬على‭ ‬مسامير‭ ‬المآسي،‭ ‬لماذا‭ ‬بلغت‭ ‬المواجهات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬ذروتها‭ ‬واشتدت‭ ‬المصادمات‭ ‬وكأن‭ ‬البشرية‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬مخرج‭ ‬يبعدها‭ ‬عن‭ ‬زوابع‭ ‬الحروب‭.‬

هناك‭ ‬شبه‭ ‬إجماع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أزهار‭ ‬الشر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تدوم‭ ‬لأن‭ ‬تركيبة‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬تسعى‭ ‬دائما‭ ‬إلى‭ ‬تربع‭ ‬عرش‭ ‬السعادة،‭ ‬وما‭ ‬نمر‭ ‬به‭ ‬اليوم‭ ‬أوضاع‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وربما‭ ‬هناك‭ ‬رغبة‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬التوافق‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬يعطي‭ ‬حياتنا‭ ‬المعنى‭ ‬والروح‭ ‬الجميلة‭ ‬والرغبة‭ ‬التي‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬السعادة‭ ‬والتجديف‭ ‬نحو‭ ‬شواطئ‭ ‬السلام،‭ ‬هذا‭ ‬السلام‭ ‬هو‭ ‬التاج‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬يزين‭ ‬الأكوان‭ ‬والأزمنة‭ ‬جميعا‭ ‬والرحيق‭ ‬الأنقى‭ ‬والأفضل‭.‬

الحروب‭ ‬والنزاعات‭ ‬“سرطان‭ ‬اجتماعي”‭ ‬يقود‭ ‬البشرية‭ ‬إلى‭ ‬الهلاك‭ ‬وعلى‭ ‬مر‭ ‬العصور‭ ‬والأحقاب‭ ‬لم‭ ‬تجلب‭ ‬تلك‭ ‬الحروب‭ ‬على‭ ‬الإنسانية‭ ‬غير‭ ‬الحزن‭ ‬وارتداء‭ ‬العباءة‭ ‬السوداء،‭ ‬وجميع‭ ‬الفلسفات‭ - ‬الهندية‭ ‬والصينية‭ ‬واليونانية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والمسيحية‭ ‬وغيرها‭ - ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬والمحبة‭ ‬ودروب‭ ‬الأمان،‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬لهذا‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬خلع‭ ‬جسده‭ ‬وتحول‭ ‬إلى‭ ‬حمامة‭ ‬كئيبة‭. ‬كل‭ ‬أمنياتنا‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬الحمامة‭ ‬إلى‭ ‬عشها‭ ‬البسيط‭ ‬ويعم‭ ‬السلام‭ ‬العالم‭ ‬وتعيش‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬وئام‭ ‬واطمئنان‭.‬