ومضة قلم

معارض التوظيف وأزمة العاطلين

| محمد المحفوظ

تشهد‭ ‬معارض‭ ‬التوظيف‭ ‬التي‭ ‬تقيمها‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بين‭ ‬آونة‭ ‬وأخرى‭ ‬إقبالا‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬من‭ ‬آلاف‭ ‬العاطلين،‭ ‬لأنها‭ ‬ربما‭ ‬تمثل‭ ‬الأمل‭ ‬الوحيد‭ ‬أمامهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أقفلت‭ ‬في‭ ‬وجوههم‭ ‬جميع‭ ‬الأبواب،‭ ‬معارض‭ ‬التوظيف‭ ‬أصبحت‭ ‬تثير‭ ‬شهية‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬نظرا‭ ‬لنوعية‭ ‬الوظائف‭ ‬المعروضة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والرواتب‭ ‬الأشد‭ ‬إغراء‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬الأخرى،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فليس‭ ‬مستغربا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬الحشود‭ ‬الهائلة‭ ‬تتكدس‭ ‬بالآلاف‭ ‬للتسجيل‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬الوزارة‭ ‬علّهم‭ ‬يظفرون‭ ‬بالوظيفة،‭ ‬لكن‭ ‬المأساة‭ ‬التي‭ ‬تتكشف‭ ‬أمامهم‭ ‬أنهم‭ ‬يبقون‭ ‬لأشهر‭ ‬وسنوات‭ ‬بدون‭ ‬اتصال‭ ‬واحد،‭ ‬والأغلبية‭ ‬منهم‭ ‬تتوفر‭ ‬لديهم‭ ‬المؤهلات‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬الخبرات‭ ‬المطلوبة‭ ‬فأين‭ ‬تكمن‭ ‬المعضلة؟

والذّي‭ ‬اتضح‭ ‬أنّ‭ ‬معارض‭ ‬التوظيف‭ ‬وكما‭ ‬صرح‭ ‬النائب‭ ‬باسم‭ ‬المالكي‭ ‬مؤخرا‭ ‬وما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الوزارة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬“حلول‭ ‬ترقيعية”‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معارض‭ ‬التوظيف‭ ‬أو‭ ‬تنظيم‭ ‬الدورات‭ ‬التدريبية،‭ ‬والعلة‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬صلاحية‭ ‬لإلزام‭ ‬الشركات‭ ‬بتوظيف‭ ‬البحرينيين‭. ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬بنظام‭ ‬البحرنة‭ ‬الموازي‭ ‬لحل‭ ‬مشكلة‭ ‬استحواذ‭ ‬الأجانب‭ ‬على‭ ‬الوظائف‭ ‬بالقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬لأنّ‭ ‬النظام‭ ‬السائد‭ ‬يعد‭ ‬منقذا‭ ‬لأصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬للتهرب‭ ‬من‭ ‬توظيف‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سداد‭ ‬مبلغ‭ ‬مالي‭.‬

ما‭ ‬ذكره‭ ‬النائب‭ ‬المالكي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬عبّر‭ ‬عنه‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬صباح‭ ‬الدوسري‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬للصحافة‭ ‬من‭ ‬أنّ‭ ‬الأجانب‭ ‬يهيمنون‭ ‬على‭ ‬مراكز‭ ‬التوظيف‭ ‬بالشركات‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنّ‭ ‬الخيار‭ ‬المفضل‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬ينتمون‭ ‬لبني‭ ‬جلدتهم،‭ ‬والمؤسف‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬تتم‭ ‬دون‭ ‬محاسبة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مراجعة‭ ‬من‭ ‬الوزارة‭.‬

الحل‭ ‬الذي‭ ‬توصلت‭ ‬إليه‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬كالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬كمخرج‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬أعداد‭ ‬العاطلين‭ ‬هو‭ ‬حصر‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬كالمحاسبة‭ ‬وتقدر‭ ‬أعداد‭ ‬العاطلين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التخصص‭ ‬بالآلاف‭ ‬بينما‭ ‬نشاهد‭ ‬أجانب‭ ‬يحتلون‭ ‬الوظائف‭ ‬بالشركات‭ ‬والبنوك‭ ‬وشركات‭ ‬الصرافة‭ ‬وغيرها‭.‬

الأسلوب‭ ‬الذي‭ ‬تنتهجه‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬حملة‭ ‬المؤهلات‭ ‬الجامعية‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬إقناع‭ ‬الشركات‭ ‬وأصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬بتوظيف‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العاطلين‭ ‬مقابل‭ ‬منحهم‭ ‬حوافز‭ ‬وتحمل‭ ‬تكلفة‭ ‬التدريب،‭ ‬لكن‭ ‬المؤسف‭ ‬أنّ‭ ‬الشركات‭ ‬لا‭ ‬تبدي‭ ‬أية‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬أي‭ ‬مرشح‭ ‬من‭ ‬الوزارة‭ ‬وتصر‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬من‭ ‬تفضلهم‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬وإزاء‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬الوزارة‭ ‬إلا‭ ‬الصمت‭!.‬