مواقف إدارية

الحكم‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬نظرة‭!‬

| أحمد البحر

بعد‭ ‬مضي‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أسبوع‭ ‬على‭ ‬تسلمه‭ ‬مهام‭ ‬منصبه‭ ‬الجديد‭ ‬وفي‭ ‬أول‭ ‬اجتماع‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬نوابه‭ ‬ومساعديه‭ ‬ومديري‭ ‬الإدارات‭ ‬طلب‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬المديرين‭ ‬مساعدته‭ ‬في‭ ‬تدوين‭ ‬الملاحظات‭ ‬التي‭ ‬ترد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحضور‭ ‬ليقوم‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬بدراستها‭ ‬واتخاذ‭ ‬اللازم‭ ‬بشأنها‭. ‬صدم‭ ‬الرئيس‭ ‬برد‭ ‬ذلك‭ ‬المدير‭ ‬ليس‭ ‬لأنه‭ ‬رفض‭ ‬القيام‭ ‬بتلك‭ ‬المهمة‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬بأسلوبه‭ ‬الغريب‭ ‬وغير‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬طلبه‭ ‬فقد‭ ‬ردّ‭ ‬قائلاً‭ ‬وبشيء‭ ‬من‭ ‬التهكم‭: ‬اسمح‭ ‬لي‭ ‬أنا‭ ‬مدير‭ ‬إدارة‭ ‬ولست‭ ‬سكرتيرًا،‭ ‬سأفعل‭ ‬ما‭ ‬تريده‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬مكافأة‭!! ‬أو‭ ‬تغيّرت‭ ‬مهام‭ ‬وظيفتي‭!!‬

‭ ‬ظلت‭ ‬صورة‭ ‬ذاك‭ ‬المدير‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬ذاكرة‭ ‬الرئيس‭ ‬وترفض‭ ‬المغادرة‭ ‬رغم‭ ‬المحاولات‭ ‬العديدة‭ ‬للاعتذار‭ ‬ورغم‭ ‬الوساطات‭ ‬ألا‭ ‬أن‭ ‬الانطباع‭ ‬الأول‭ ‬والراسخ‭ ‬لديه‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الموظف‭ ‬غير‭ ‬متعاون‭ ‬وإنه‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬مهارة‭ ‬التواصل‭ ‬وإنه‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تهذيب‭ ‬أسلوبه‭ ‬عند‭ ‬التحدث‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭. ‬هذا‭ ‬الانطباع‭ ‬أصبح‭ ‬مسيطرًا‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬يتفادى‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬ذاك‭ ‬المدير‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬إشراكه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬فعالية،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬ذهب‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬يتجنّب‭ ‬دعوته‭ ‬حضور‭ ‬أي‭ ‬اجتماع‭ ‬أو‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬الضيوف‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬حديثه‭ ‬فيضع‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬لا‭ ‬يحسد‭ ‬عليه‭. ‬

‭ ‬لقد‭ ‬حاول‭ ‬المدير‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬أو‭ ‬يمحو‭ ‬ذلك‭ ‬الانطباع‭ ‬السيئ‭ ‬الذي‭ ‬أخذه‭ ‬الرئيس‭ ‬عنه،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬زملائه‭ ‬وآخرين‭ ‬أن‭ ‬ينقلوا‭ ‬اعتذاره‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬وأن‭ ‬يثبتوا‭ ‬له‭ ‬أنه‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يظنه‭ ‬وأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يقصد‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاجتماع‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الفكاهة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الانطباع‭ ‬رفض‭ ‬ويرفض‭ ‬مبارحة‭ ‬فكر‭ ‬الرئيس‭. ‬إنه‭ ‬خطأ‭ ‬الانطباع‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬يعرفه‭ ‬معجم‭ ‬المصطلحات‭ ‬الإدارية‭ ‬بأنه‭: ‬’’الميل‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانطباع‭ ‬الأول‭ ‬عنه‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬سلوكه‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‘‘‭.‬

سيدي‭ ‬القارئ،‭ ‬ربما‭ ‬أستطيع‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬صاحبنا‭ ‬في‭ ‬ذاك‭ ‬الموقف‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬فعلاً‭ ‬يقصد‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬اجتماع‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬الجديد‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬حينذاك‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الفكاهة‭ ‬ولكن‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬فيه‭ ‬هو‭ ‬اختياره‭ ‬للوقت‭ ‬والمكان‭ ‬غير‭ ‬المناسبين‭!! ‬ما‭ ‬رأيك؟