الرئيس والبرلمان

| د. عبدالله الحواج

قد‭ ‬يكون‭ ‬الكلام‭ ‬معادا،‭ ‬أو‭ ‬سابقا‭ ‬للتجهيز،‭ ‬لكن‭ ‬للضرورة‭ ‬أحكام،‭ ‬وللحقائق‭ ‬الدامغة‭ ‬أدلة‭ ‬وبراهين،‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬خرجت‭ ‬الصحف‭ ‬بتصريحات‭ ‬نيابية‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬يدعم‭ ‬العمل‭ ‬البرلماني‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أوتي‭ ‬من‭ ‬قوة،‭ ‬وأن‭ ‬سموه‭ ‬يؤكد‭ ‬دائما‭ ‬وأبدا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭.‬

ما‭ ‬إن‭ ‬خرجت‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬من‭ ‬نيابيين‭ ‬بارزين‭ ‬حتى‭ ‬تذكرت‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬أطروحات‭ ‬مجلسه‭ ‬المهيب‭ ‬يؤمن‭ ‬بضرورة‭ ‬دعم‭ ‬أدوات‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬ثم‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التواصل‭ ‬يرسخ‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬السلطات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمنح‭ ‬الاستقلالية‭ ‬لكل‭ ‬سلطة،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬التواصل‭ ‬بينها،‭ ‬والتعاون‭ ‬فيما‭ ‬يرتبط‭ ‬بالصالح‭ ‬العام‭ ‬عبر‭ ‬القنوات‭ ‬الشرعية‭ ‬والدستورية‭.‬

نعم‭ ‬يا‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬أن‭ ‬انفتاح‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬بل‭ ‬والوزارات‭ ‬كل‭ ‬على‭ ‬الأخرى‭ ‬يعالج‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعضلات‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬حجر‭ ‬عثر‭ ‬أمام‭ ‬التنمية،‭ ‬إنه‭ ‬الحبل‭ ‬السُري‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يفصل‭ ‬التوائم‭ ‬عن‭ ‬أمهاتها‭ ‬والأصول‭ ‬عن‭ ‬جذورها،‭ ‬إلا‭ ‬لو‭ ‬تأكد‭ ‬المسئول‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يجور‭ ‬على‭ ‬سلطات‭ ‬أيًّا‭ ‬منها‭ ‬وأن‭ ‬الفصل‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬إلا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقلالية‭ ‬والتأكيد‭ ‬عليها‭ ‬ورسم‭ ‬الملامح‭ ‬النهائية‭ ‬لها‭.‬

إنها‭ ‬شخصية‭ ‬الدول‭ ‬القوية،‭ ‬بطاقة‭ ‬العبور‭ ‬نحو‭ ‬الحضارة‭ ‬بحسها‭ ‬المؤسسي‭ ‬وكيانها‭ ‬الأممي‭ ‬وطبيعتها‭ ‬الفاعلة‭.‬

التفاهم‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬أمر‭ ‬دستوري،‭ ‬حكم‭ ‬بين‭ ‬الفرقاء‭ ‬والرفقاء،‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬الوزرات‭ ‬عملية‭ ‬مستمرة‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬الشذوذ‭ ‬عنها‭.‬

كثيرا‭ ‬ما‭ ‬نسمع‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تضاربا‭ ‬بين‭ ‬وزارتين‭ ‬حول‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشروع‭ ‬ما،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬تسرعا‭ ‬من‭ ‬وزارة،‭ ‬وتباطؤا‭ ‬من‭ ‬أخرى،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬موافقات‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وملاحظات‭ ‬من‭ ‬أخرى،‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬وغيرها،‭ ‬ويحدث‭ ‬في‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬الازدواجية‭ ‬فيها‭ ‬دور‭ ‬الوسيط‭ ‬“العادل”‭.‬

في‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭ ‬التسرع‭ ‬ليس‭ ‬مطلوبا‭ ‬ولا‭ ‬التلكؤ‭ ‬أو‭ ‬التباطؤ‭ ‬أيضا،‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يتعاون‭ ‬الجميع،‭ ‬أن‭ ‬يتفاهم‭ ‬الجميع،‭ ‬أن‭ ‬يرتبط‭ ‬الجميع‭ ‬بأهداف‭ ‬التنمية‭.‬

إن‭ ‬الوزارات‭ ‬جميعها،‭ ‬والسلطات‭ ‬على‭ ‬تعددها،‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أنها‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬تنظيمي‭ ‬واحد،‭ ‬والمفترض‭ ‬أنها‭ ‬تتعاون‭ ‬أوتوماتيكيا،‭ ‬وتتواصل‭ ‬بديهيا،‭ ‬وأن‭ ‬الحلقات‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬أوصالها‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تتقطع‭ ‬بها‭ ‬السبل‭ ‬فتضل‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭ ‬وتدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬مستقل‭ ‬خارج‭ ‬كتيبة‭ ‬الدولة‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬حدودها‭ ‬النهائية‭.‬

إن‭ ‬التأكيد‭ ‬النيابي‭ ‬على‭ ‬حرص‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬المدى‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬تحقيق‭ ‬التوافق‭ ‬المبدئي‭ ‬بين‭ ‬إصدار‭ ‬القوانين‭ ‬وتشكيل‭ ‬آليات‭ ‬تنفيذها،‭ ‬بين‭ ‬إعداد‭ ‬اللوائح‭ ‬وتحقيق‭ ‬الإجماع‭ ‬الشعبي‭ ‬عليها،‭ ‬والتنفيذ‭ ‬المبرمج‭ ‬للحكومة‭ ‬لها‭.‬

إنها‭ ‬دائرة‭ ‬متقنة‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الدستورية‭ ‬الفاعلة،‭ ‬والمحققة‭ ‬لطموحات‭ ‬شعب،‭ ‬وأي‭ ‬شعب‭.‬