360 درجة

تصدير الجوع والموت

| أيمن همام

استمرارا‭ ‬لمسلسل‭ ‬الحماقات‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬قد‭ ‬نشهد‭ ‬اليوم‭ ‬تنفيذ‭ ‬طهران‭ ‬لأحدث‭ ‬تهديداتها،‭ ‬إذ‭ ‬أعلن‭ ‬حسن‭ ‬روحاني‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬ستعمد،‭ ‬اعتبارا‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬الأحد،‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬إلى‭ ‬المستويات‭ ‬التي‭ ‬تريدها‭ ‬متجاوزة‭ ‬النسبة‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭.‬

وقبل‭ ‬يومين‭ ‬تباهى‭ ‬وزير‭ ‬خارجيته‭ ‬محمد‭ ‬جواد‭ ‬ظريف‭ ‬بإخلال‭ ‬بلاده‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬الدولية‭ ‬حين‭ ‬اعترف‭ ‬بأن‭ ‬احتياطات‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬تجاوزت‭ ‬الحد‭ ‬المسموح‭ ‬به‭ ‬بموجب‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي؛‭ ‬إعلان‭ ‬استفزازي‭ ‬آخر‭ ‬سيدفع‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخانقة‭.‬

ليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬الطرف‭ ‬الأضعف‭ ‬عسكريا‭ ‬واقتصاديا،‭ ‬إلى‭ ‬استدراج‭ ‬أميركا‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق،‭ ‬اعتقادا‭ ‬منه‭ ‬بأن‭ ‬المواجهة‭ ‬ستضمن‭ ‬له‭ ‬البقاء‭ ‬وستجنبه‭ ‬السخط‭ ‬الشعبي‭ ‬المتصاعد‭ ‬بسبب‭ ‬تدهور‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭.‬

لجوء‭ ‬طهران‭ ‬إلى‭ ‬التلويح‭ ‬بإطلاق‭ ‬العنان‭ ‬لبرنامجها‭ ‬النووي‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬الاستماتة‭ ‬لإشعال‭ ‬فتيل‭ ‬الحرب،‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬استهداف‭ ‬ناقلات‭ ‬النفط‭ ‬وإسقاط‭ ‬الطائرة‭ ‬الأميركية‭ ‬المسيرة‭ ‬في‭ ‬استثارة‭ ‬واشنطن‭ ‬لتوجيه‭ ‬ضربة‭ ‬عسكرية‭.‬

الرهان‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬يؤكد‭ ‬عدم‭ ‬اكتراث‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬بمعاناة‭ ‬شعبه‭ ‬الذي‭ ‬يرزح‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الفقر،‭ ‬وأن‭ ‬طموح‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬يعميه‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬إستراتيجية‭ ‬صائبة‭ ‬تجنب‭ ‬شعبه‭ ‬ويلات‭ ‬الحروب‭ ‬وتخرجه‭ ‬من‭ ‬عثرته‭ ‬المالية‭ ‬الخانقة‭.‬

نظام‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬حرجا‭ ‬من‭ ‬تداول‭ ‬قصص‭ ‬مؤلمة،‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬ما‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬“فاينانشال‭ ‬تايمز”‭ ‬البريطانية‭ ‬أمس‭ ‬عن‭ ‬امرأتين‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬سُرخة،‭ ‬مسقط‭ ‬رأس‭ ‬روحاني،‭ ‬حيث‭ ‬تقول‭ ‬إحداهما‭ ‬“تمر‭ ‬علينا‭ ‬ليال‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يوجد‭ ‬لدينا‭ ‬حتى‭ ‬كسرة‭ ‬خبز”،‭ ‬وتقول‭ ‬الأخرى‭ ‬“لم‭ ‬أشتر‭ ‬دجاجة‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أو‭ ‬8‭ ‬أشهر”،‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬حرجا‭ ‬من‭ ‬السعي‭ ‬لتصدير‭ ‬الجوع‭ ‬والموت‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تطوله‭ ‬يداه‭.‬