أنسنة

حملات التبرع... وتجارة الأعضاء

| رجاء مرهون

حدثني‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭ ‬بحريني‭ ‬معروف‭ ‬ومحسن‭ ‬مرة‭ ‬عن‭ ‬رفضه‭ ‬تمويل‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية‭ ‬التي‭ ‬تقصد‭ ‬السفر‭ ‬للخارج‭ ‬بغرض‭ ‬نقل‭ ‬أو‭ ‬زراعة‭ ‬الأعضاء،‭ ‬مبررا‭ ‬موقفه‭ ‬بأن‭ ‬هؤلاء‭ ‬يدخلون‭ ‬في‭ ‬“متاهة‭ ‬طويلة”‭ ‬ويقعون‭ ‬عرضة‭ ‬لاستغلال‭ ‬سماسرة‭ ‬تجارة‭ ‬الأعضاء‭.‬

ومع‭ ‬كل‭ ‬إعلان‭ ‬يصل‭ ‬هاتفي‭ ‬لجمع‭ ‬التبرعات‭ ‬بغرض‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬يقفز‭ ‬لذهني‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬لإجراء‭ ‬العملية‭ ‬خارج‭ ‬المملكة؟‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬الإمكانات‭ ‬الطبية‭ ‬محليا؟‭! ‬أم‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬بالإجراءات‭ ‬المعتمدة‭ ‬في‭ ‬مستشفياتنا؟‭! ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الغرض‭ ‬شراء‭ ‬عضو‭ ‬بشري‭ ‬خلافا‭ ‬للبروتوكولات‭ ‬الدولية‭ ‬الطبية‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تلتزم‭ ‬بها‭ ‬البحرين؟‭  ‬

قبل‭ ‬أيام،‭ ‬شهدت‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬نقاشا‭ ‬بين‭ ‬الشوري‭ ‬الطبيب‭ ‬أحمد‭ ‬العريض‭ ‬ووزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬وانتقد‭ ‬العريض‭ ‬ما‭ ‬اعتبره‭ ‬تعطيلا‭ ‬لبرنامج‭ ‬بحريني‭ ‬رائد‭ ‬طبيا‭ ‬في‭ ‬“زراعة‭ ‬الأعضاء”،‭ ‬وتناميا‭ ‬لظاهرة‭ ‬“التوجه‭ ‬إلى‭ ‬المراكز‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬تستغل‭ ‬فقراء‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬بشراء‭ ‬أعضائهم”‭. ‬

بحثت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬فوجدت‭ ‬أن‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬أعضاء‭ ‬احترافية‭ ‬مجانية‭ ‬لمريض‭ ‬بحريني‭ - ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وجد‭ ‬المتبرع‭ - ‬متوافرة‭ ‬للمواطنين‭ ‬وعلى‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬السرعة‭ ‬أيضا،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬فرضنا‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ ‬البحرين‭ ‬لنقل‭ ‬الأعضاء‭ ‬متقطع‭ ‬أو‭ ‬“معطل”‭ ‬حتى،‭ ‬فإن‭ ‬البحرين‭ ‬لديها‭ ‬اتفاقيات‭ ‬طبية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬التعاون‭ ‬بما‭ ‬يسمح‭ ‬بإجراء‭ ‬عمليات‭ ‬نقل‭ ‬وزراعة‭ ‬أعضاء‭ ‬مجانية‭ ‬للبحرينيين‭ ‬بمراكز‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬والكويت‭ ‬مثلا‭.‬

إذا‭ ‬ما‭ ‬توقفنا‭ ‬قليلا‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق،‭ ‬سيبدو‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬الغرض‭ ‬الرئيس‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬الأعضاء‭ ‬خارج‭ ‬البحرين‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬عضو‭ ‬بشري‭ ‬أو‭ ‬شراؤه‭ ‬على‭ ‬الأغلب‭ - ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يمنع‭ ‬وجود‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى،‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬حملات‭ ‬التبرع‭ ‬تعلم‭ ‬مصدر‭ ‬“العضو‭ ‬المتبرع‭ ‬به”‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬الناس‭ ‬التي‭ ‬تتبرع‭ ‬فعليا‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬جزءا‭ ‬مما‭ ‬تدفعه‭ ‬قد‭ ‬يذهب‭ ‬لشراء‭ ‬“كلية”‭ ‬أو‭ ‬“كبد”‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬فقير‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬نامية‭. ‬

لذا‭ ‬أدعو‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬والمتبرعين‭ ‬إلى‭ ‬التحقيق‭ ‬والتدقيق‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬هذه‭ ‬العمليات،‭ ‬بل‭ ‬أتمنى‭ ‬منهم‭ ‬تشجيع‭ ‬التبرع‭ ‬بالأعضاء‭ ‬بين‭ ‬الأهل‭ ‬وأبناء‭ ‬البلد‭ ‬الواحد،‭ ‬وذلك‭ ‬حماية‭ ‬لمرضانا‭ ‬وضمائرنا‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬أمر‭ ‬آخر‭.‬