فجر جديد

الذين يبيعون آخرتهم بدنياهم

| إبراهيم النهام

شكا‭ ‬لي‭ ‬أحدهم‭ ‬حالة‭ ‬القطيعة‭ ‬المرة‭ ‬مع‭ ‬أولاده؛‭ ‬بسبب‭ ‬تحريض‭ ‬الأم‭ ‬لهم،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬تسهل‭ ‬عليها‭ ‬كثيرا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬“الطلاق”‭ ‬المُفتعل‭ ‬بسبب‭ ‬الضرر،‭ ‬ما‭ ‬مكنها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تستفرد‭ ‬بهدوء‭ ‬مع‭ ‬الصغار،‭ ‬وتصب‭ -‬مع‭ ‬الوقت‭- ‬في‭ ‬أمخاخهم،‭ ‬براميل‭ ‬السُم‭ ‬والمقت‭ ‬والكراهية‭ ‬ضد‭ ‬الأب،‭ ‬حتى‭ ‬بات‭ ‬لهم‭ ‬كـ‭ ‬“الغول”‭ ‬الذي‭ ‬يهوى‭ ‬أكل‭ ‬لحم‭ ‬الأطفال،‭ ‬ويتلذذ‭ ‬بمصمصة‭ ‬عظامهم‭.‬

امراة‭ ‬أعرفها،‭ ‬شكت‭ -‬بشكل‭ ‬مناقض‭- ‬قطيعة‭ ‬ابنها‭ ‬لها،‭ ‬وتأففه‭ ‬منها‭ ‬حين‭ ‬يراها،‭ ‬وضيقه‭ ‬لذلك،‭ ‬بسبب‭ ‬الطلاق‭ ‬أيضا،‭ ‬والذي‭ ‬تمكن‭ ‬خلاله‭ ‬الأب‭ ‬أن‭ ‬يستحوذ‭ ‬على‭ ‬الحضانة‭ ‬بمسرحية‭ ‬هزلية‭ ‬قام‭ ‬بها،‭ ‬ليبتدي‭ ‬مشوارا‭ ‬طويلا‭ ‬مع‭ ‬الطفل،‭ ‬ليس‭ ‬بالتربية‭ ‬وغرس‭ ‬العلم‭ ‬والأخلاق،‭ ‬وإنما‭ ‬تأجيج‭ ‬الكراهية‭ ‬ضد‭ ‬الأم،‭ ‬للانتقام‭ ‬منها،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬كما‭ ‬يبدو،‭ ‬نجح‭ ‬به‭ ‬كثيرا‭.‬

وما‭ ‬بين‭ ‬القصتين،‭ ‬نرى‭ ‬بوضوح‭ ‬هواية‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬الأطفال‭ ‬لدروع‭ ‬بشرية‭ ‬في‭ ‬صراعاتهم‭ ‬“القذرة”‭ ‬مع‭ ‬نصفهم‭ ‬السابق،‭ ‬بقدرات‭ ‬استجلبوها‭ ‬من‭ ‬وحوش‭ ‬البراري،‭ ‬سهلت‭ ‬عليهم‭ ‬مسح‭ (‬العشرة‭) ‬ونسيان‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬والملح،‭ ‬والذكريات‭ ‬الأولى‭ ‬مع‭ ‬شريك‭ ‬أو‭ ‬شريكة‭ ‬الحياة،‭ ‬والتي‭ ‬تكون‭ ‬بالغالب‭ ‬ذا‭ ‬نكهة‭ ‬خاصة،‭ ‬ومختلفة،‭ ‬ومؤثرة‭.‬

الانتقام‭ ‬من‭ ‬شريك‭ ‬الحياة‭ ‬عبر‭ ‬الأولاد‭ ‬من‭ ‬عظائم‭ ‬الكبائر‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬وتقدم‭ ‬لنا‭ -‬ببساطة‭- ‬قصص‭ ‬من‭ ‬يبيعون‭ ‬آخرتهم‭ ‬لأجل‭ ‬دنياهم،‭ ‬وهو‭ ‬بيع‭ ‬خسارته‭ ‬كبيرة،‭ ‬ومريرة،‭ ‬فكلما‭ ‬تزايدت‭ ‬الأطراف‭ ‬المتضررة،‭ ‬زاد‭ ‬الدَّين‭ ‬وارتفع‭ ‬وتعاظم‭.‬