سوالف

العـرب وفن إضـاعة الوقت

| أسامة الماجد

للعرب‭ ‬والزمن‭ ‬والوقت‭ ‬حكايات‭ ‬عجيبة‭ ‬وغريبة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬المفكرين‭ ‬العرب‭ ‬قال‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬“لقد‭ ‬درس‭ ‬العرب‭ ‬فن‭ ‬إضاعة‭ ‬الوقت‭ ‬وحصلوا‭ ‬على‭ ‬دبلوم‭ ‬التخرج‭ ‬بترخيص‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬نفسه”،‭ ‬فمن‭ ‬سمات‭ ‬التفكير‭ ‬عند‭ ‬العرب‭ ‬عموما‭ ‬عدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بالوقت‭ ‬وتأخير‭ ‬الندوات‭ ‬والاجتماعات‭ ‬والفعاليات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حصرها،‭ ‬وكأننا‭ ‬نحمل‭ ‬تيارنا‭ ‬الغامض‭ ‬في‭ ‬إضاعة‭ ‬الوقت‭ ‬على‭ ‬جبيننا،‭ ‬ونبحر‭ ‬داخل‭ ‬أنفسنا‭ ‬دون‭ ‬شراع‭.‬

الفرق‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬الآخرين‭ - ‬ومن‭ ‬ضمنهم‭ ‬أعداؤنا‭ - ‬هو‭ ‬معرفة‭ ‬قيمة‭ ‬الزمن‭ ‬والوقت،‭ ‬فمثلا‭ ‬ونسوق‭ ‬ذلك‭ ‬للعبرة،‭ ‬نجح‭ ‬الصهاينة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفهم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬وهو‭ ‬قيام‭ ‬الدولة،‭ ‬لأنهم‭ ‬نجحوا‭ ‬أصلا‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬المراحل‭ ‬الزمنية‭ ‬التي‭ ‬ينتقلون‭ ‬عبرها‭ ‬من‭ ‬هدف‭ ‬مرحلي‭ ‬إلى‭ ‬هدف‭ ‬آخر،‭ ‬ومن‭ ‬تراكم‭ ‬الأهداف‭ ‬المرحلية‭ ‬وتطبيقها‭ ‬يكتمل‭ ‬الهدف‭ ‬الأسمى،‭ ‬هذا‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬اختلفوا‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬خلافات‭ ‬دموية‭ ‬أو‭ ‬عنيفة،‭ ‬حول‭ ‬توقيت‭ ‬أو‭ ‬وسيلة‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬المرحلي‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تتبدى‭ ‬أمامنا‭ ‬أهداف‭ ‬مرحلية‭ ‬نفذها‭ ‬الصهاينة‭ ‬بمهارة‭ ‬وكفاءة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الأهداف‭ ‬العقدية،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬عقد‭ ‬شهد‭ ‬تحقيق‭ ‬خطوة‭ ‬صهيونية‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬فعام‭ ‬1897‭ ‬كان‭ ‬عام‭ ‬إنشاء‭ ‬المنظمة‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية،‭ ‬وعام‭ ‬1907‭ ‬كان‭ ‬عام‭ ‬الاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬بها،‭ ‬وعام‭ ‬1917‭ ‬كان‭ ‬عام‭ ‬صدور‭ ‬وعد‭ ‬بلفور‭... ‬وهكذا‭ ‬حتى‭ ‬نأتي‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬الدولة،‭ ‬وعام‭ ‬1956‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثي‭ ‬والتمهيد‭ ‬للتوسع‭ ‬الذي‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬1967،‭ ‬لتعقبه‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬لاستيعاب‭ ‬هذا‭ ‬التوسع‭ ‬ليكون‭ ‬قفزة‭ ‬أخرى‭ ‬نحو‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭. ‬

وفي‭ ‬ميدان‭ ‬المعرفة‭ ‬افتقد‭ ‬العرب‭ ‬العمل‭ ‬السريع‭ ‬الموحد‭ ‬ومن‭ ‬المؤسف‭ ‬أنه‭ ‬يوجد‭ ‬عندنا‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬العلوم‭ ‬التي‭ ‬اكتشفناها‭ ‬ولكنها‭ ‬نسبت‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭... ‬خلاصة‭ ‬القول‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬أن‭ ‬ينطلق‭ ‬العقل‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬الزمن،‭ ‬فقد‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬آلامنا‭ ‬وعذاباتنا‭ ‬من‭ ‬تفريطنا‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬الوقت‭.‬