ومضة قلم

أزمة تقاعد المعلمين

| محمد المحفوظ

آلاف‭ ‬من‭ ‬الكوادر‭ ‬التعليمية‭ ‬والإدارية‭ ‬قرروا‭ ‬بملء‭ ‬إرادتهم‭ ‬مغادرة‭ ‬حقل‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وجدوا‭ ‬في‭ ‬التقاعد‭ ‬الاختياري‭ ‬الفرصة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تتكرر،‭ ‬ونحن‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬نناقش‭ ‬خيار‭ ‬الإخوة‭ ‬المعلمين‭ ‬في‭ ‬التقاعد‭ ‬فهذا‭ ‬حقهم‭ ‬لكن‭ ‬الهاجس‭ ‬والسؤال‭ ‬هو‭ ‬ماذا‭ ‬بعد‭ ‬تقاعد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأعداد‭ ‬وفي‭ ‬ظرف‭ ‬زمني‭ ‬واحد؟‭ ‬ونعني‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬فراغا‭ ‬كبيرا‭ ‬بحاجة‭ ‬لمن‭ ‬يملؤه،‭ ‬إننا‭ ‬نقدر‭ ‬الجهد‭ ‬الكبير‭ ‬لوزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬الدؤوب‭ ‬عن‭ ‬كوادر‭ ‬لشغل‭ ‬الفراغ‭ ‬الذي‭ ‬خلفه‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعلمون،‭ ‬بيد‭ ‬أنّنا‭ ‬كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬لو‭ ‬أنّ‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬لم‭ ‬تشرع‭ ‬الأبواب‭ ‬للتقاعد‭ ‬لمن‭ ‬تقل‭ ‬خدمتهم‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬عن‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭!‬

الكثير‭ ‬من‭ ‬المعلمين‭ ‬المتقاعدين‭ ‬لهم‭ ‬تاريخ‭ ‬حافل‭ ‬بالتضحيات،‭ ‬وللعديد‭ ‬منهم‭ ‬طاقات‭ ‬وخبرات‭ ‬ستصبح‭ ‬معطلة‭ ‬وربما‭ ‬ستكون‭ ‬مهملة‭ ‬وسؤالنا‭ ‬لوزارة‭ ‬التربية‭ ‬ألم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬المجدي‭ ‬لو‭ ‬وضعت‭ ‬قوانين‭ ‬للراغبين‭ ‬في‭ ‬التقاعد‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬التفريط‭ ‬في‭ ‬كفاءات‭ ‬وخبرات‭ ‬المنتسبين‭ ‬للتربية،‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬فإنه‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬رفع‭ ‬سن‭ ‬التقاعد‭ ‬إلى‭ ‬25‭ ‬عاما‭ ‬وهذه‭ ‬السن‭ ‬المعتمدة‭ ‬للتقاعد‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬التربية‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭. ‬

وأمام‭ ‬الفراغ‭ ‬الذي‭ ‬وجدت‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬نفسها‭ ‬فيه‭ ‬بعد‭ ‬ترك‭ ‬آلاف‭ ‬المعلمين‭ ‬وظائفهم‭ ‬فإنها‭ ‬اضطرت‭ ‬إلى‭ ‬الاستعانة‭ ‬بأعداد‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭ ‬للنهوض‭ ‬بالتدريس‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬غير‭ ‬راغب‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬التدريس‭ ‬لإدراكهم‭ ‬أنّ‭ ‬التعليم‭ ‬مهنة‭ ‬شاقة‭ ‬ليس‭ ‬بوسع‭ ‬الكثيرين‭ ‬القيام‭ ‬بها،‭ ‬بالطبع‭ ‬هؤلاء‭ ‬سيخضعون‭ ‬إلى‭ ‬برامج‭ ‬تدريبية‭ ‬لاكتساب‭ ‬مهارات‭ ‬التعليم‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تنفيذ‭ ‬البرامج‭ ‬التعليمية‭ ‬التي‭ ‬حددتها‭ ‬الوزارة‭ ‬بسنة‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬تقدير،‭ ‬ولا‭ ‬نعتقد‭ ‬أنّها‭ ‬مدة‭ ‬كافية‭ ‬لاستيعاب‭ ‬برامج‭ ‬التأهيل‭ ‬لمهنة‭ ‬التعليم‭. ‬

 

‭ ‬ما‭ ‬أنفقته‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬تأهيل‭ ‬الكوادر‭ ‬الإدارية‭ ‬والتعليمية‭ ‬مبالغ‭ ‬هائلة‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬نجدهم‭ ‬خارج‭ ‬التعليم‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬تعد‭ ‬قليلة‭. ‬والمؤسف‭ ‬أنّ‭ ‬جميع‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬عطائهم،‭ ‬وبإمكان‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬تحديدا‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬الكفاءات‭ ‬الشابة‭ ‬من‭ ‬المعلمين‭ ‬لتفادي‭ ‬أي‭ ‬إرباك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬الموسم‭ ‬الدراسي‭.‬