ديالى تدفع الثمن

| عبدعلي الغسرة

ديالى‭ ‬محافظة‭ ‬عراقية‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬شمال‭ ‬شرق‭ ‬بغداد‭ ‬لغاية‭ ‬الحدود‭ ‬العراقية‭ ‬ــ‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وتقع‭ ‬بين‭ ‬نهري‭ ‬ديالى‭ ‬ودجلة،‭ ‬وعدد‭ ‬سكانها‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬70‭ % ‬عرب‭ ‬و30‭ % ‬أكراد‭. ‬وتتعرض‭ ‬محافظة‭ ‬ديالى‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬هجوم‭ ‬شرس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ميليشيات‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬بالمحافظة،‭ ‬وترتكب‭ ‬جرائم‭ ‬القتل‭ ‬والتشريد‭ ‬والانتهاكات‭ ‬الإنسانية‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ (‬محاربة‭ ‬داعش‭)‬،‭ ‬علمًا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الدواعش‭ ‬ويتواجد‭ ‬فيها‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬الميليشات‭ ‬الموالية‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬بالمنطقة‭.‬

تقوم‭ ‬ميليشيات‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬والأخرى‭ ‬الخارجة‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬بممارسة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬أهالي‭ ‬ديالى‭ ‬لينزحوا‭ ‬عنها‭ ‬طوعًا‭ ‬أو‭ ‬قسرًا‭ ‬بهدف‭ ‬إحداث‭ ‬تغيير‭ ‬ديموغرافي‭ ‬وطائفي‭ ‬لصالح‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يُطالب‭ ‬فيه‭ ‬أهالي‭ ‬ديالى‭ ‬بتدخل‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬لحمايتهم‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬سطوة‭ ‬هذه‭ ‬الميليشيات‭ ‬وتفعيل‭ ‬سلطة‭ ‬القانون‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الميليشيات‭ ‬تدعي‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬ديالى‭ ‬هو‭ ‬صراع‭ ‬عشائري‭ ‬وأن‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬أية‭ ‬مقرات‭ ‬أو‭ ‬وجود‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

ديالى‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬والبصرة‭ ‬والموصل‭ ‬ذات‭ ‬صبغة‭ ‬معينة‭ ‬عاشت‭ ‬وتعيش‭ ‬حملات‭ ‬من‭ ‬التهحير‭ ‬القسري‭ ‬بدوافع‭ ‬ديموغرافية‭ ‬واعتبارات‭ ‬طائفية‭ ‬وبمنع‭ ‬الأهالي‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إليها‭ (‬كمنع‭ ‬أهالي‭ ‬جرف‭ ‬الصخر‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬بابل‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬بدأ‭ ‬فعليًا‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬احتلال‭ ‬العراق‭ ‬2003م‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬تحرك‭ ‬المقاومة‭ ‬العراقية‭ ‬وتقسيم‭ ‬المجتمع‭ ‬العراقي‭ ‬وتهميش‭ ‬طائفة‭ ‬كبيرة‭ ‬لحساب‭ ‬الطائفة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬بها‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭ ‬لتدمير‭ ‬العراق‭ ‬ونشر‭ ‬الكراهية‭ ‬والأحقاد‭ ‬والإرهاب‭ ‬والانتقام‭.‬

لقد‭ ‬استخدم‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬وميليشياته‭ ‬سلاح‭ ‬التغيير‭ ‬الديموغرافي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحكام‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬أتباعه‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لتنفيذ‭ ‬أجندته‭ ‬ومشروعه‭ ‬وتوطين‭ ‬قواته‭ ‬الأمنية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬العراق،‭ ‬ولتأجيج‭ ‬الصراع‭ ‬الطائفي‭ ‬والقومي‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬والأكراد‭ ‬والتركمان‭ ‬وبين‭ ‬العشائر‭ ‬وميليشيات‭ ‬الأحزاب‭ ‬المتنفذة‭. ‬إن‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬شمل‭ ‬جغرافية‭ ‬المُدن‭ ‬العراقية‭ ‬يُجسد‭ ‬طموحات‭ ‬الامبراطورية‭ ‬الفارسية‭ ‬ليكون‭ ‬العراق‭ ‬خاضعًا‭ ‬لولاية‭ ‬مذهبية‭ ‬واحدة‭ ‬وولاء‭ ‬غير‭ ‬مرتبط‭ ‬بالعراق،‭ ‬وهو‭ ‬ولاء‭ ‬مرفوض‭ ‬من‭ ‬عرب‭ ‬العراق،‭ ‬فخيارهم‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬العيش‭ ‬جميعًا‭ ‬في‭ ‬عراقٍ‭ ‬ينتمي‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬بفكره‭ ‬وأعراقه‭ ‬وأديانه،‭ ‬عراق‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬الكراهية‭ ‬والطائفية‭ ‬والأحقاد‭.‬