لقطة

هكذا عاقبني الأستاذ ماجد العرادي!!

| أحمد كريم

لمحني‭ ‬الأستاذ‭ ‬ماجد‭ ‬العرادي‭ - ‬رحمه‭ ‬الله‭ - ‬وأنا‭ ‬اُقتاد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المدير‭ ‬إلى‭ ‬مبنى‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬جدحفص‭ ‬الإعدادية‭ ‬عام‭ ‬1995،‭ ‬متلبسًا‭ ‬بمحاولة‭ ‬تسلق‭ ‬سور‭ ‬المدرسة‭ ‬الملاصق‭ ‬لمدرسة‭ ‬جدحفص‭ ‬الثانوية،‭ ‬حيث‭ ‬تقام‭ ‬مباراة‭ ‬كرة‭ ‬قدم‭ ‬مهمة‭ ‬ضمن‭ ‬دوري‭ ‬المدارس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭!‬

وجدت‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬حقيقي‭ ‬أمام‭ ‬مدير‭ ‬المدرسة‭ ‬الذي‭ ‬ضبطني‭ ‬على‭ ‬سور‭ ‬المدرسة،‭ ‬ولم‭ ‬يأبه‭ ‬لفكرة‭ ‬المباراة‭. ‬رمقني‭ ‬بنظرة‭ ‬متربّصة‭ ‬وطلب‭ ‬مني‭ ‬مرافقته‭ ‬لمبنى‭ ‬الإدارة‭. ‬مشيت‭ ‬معه‭ ‬أطول‭ ‬مسافة‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬آنذاك،‭ ‬أفكر‭ ‬في‭ ‬مخرج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الورطة‭ ‬من‭ ‬المدير‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬بداية‭ ‬الفصل‭ ‬الدراسي‭ ‬ليفرض‭ ‬أسلوبه‭ ‬ونظامه‭ ‬بحزم‭ ‬وقسوة‭. ‬

انغلقت‭ ‬أمامي‭ ‬أبواب‭ ‬الدنيا‭ ‬وأشفقت‭ ‬على‭ ‬حالي،‭ ‬وإذا‭ ‬بالأستاذ‭ ‬ماجد‭ ‬العرادي‭ ‬مدرس‭ ‬التربية‭ ‬الرياضية‭ ‬والمشرف‭ ‬بالمدرسة‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬سعادة‭ ‬المدير‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬له‭ ‬باتخاذ‭ ‬الإجراء‭ ‬اللازم‭ ‬تجاهي‭. ‬رفض‭ ‬المدير‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر‭ ‬وأصرّ‭ ‬على‭ ‬محاكمتي‭ ‬شخصيًّا،‭ ‬لكن‭ ‬إلحاح‭ ‬الأستاذ‭ ‬ماجد‭ ‬العرادي‭ ‬عليه‭ ‬أجبره‭ ‬على‭ ‬القبول‭ ‬مع‭ ‬تأكيده‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬استدعاء‭ ‬ولي‭ ‬أمري‭.‬

رافقت‭ ‬الأستاذ‭ ‬العرادي‭ ‬إلى‭ ‬مكتبه‭ ‬البعيد‭ ‬عن‭ ‬مبنى‭ ‬الإدارة،‭ ‬وسألني‭ ‬وهو‭ ‬يدعك‭ ‬أذني‭: ‬“ماذا‭ ‬فعلت‭ ‬أيها‭ ‬المجنون”‭. ‬فقلت‭ ‬له‭: ‬“كنت‭ ‬أتابع‭ ‬مباراة‭ ‬الدوري‭ ‬المدرسي‭ ‬بالثانوية”،‭ ‬فضحك‭ ‬وقال‭ ‬لي‭: ‬“سيطردونك‭!! ‬قف‭ ‬أمام‭ ‬باب‭ ‬مكتب‭ ‬الإشراف‭ ‬حتى‭ ‬أجد‭ ‬حلاًّ‭ ‬لمشكلتك”‭. ‬

وقفت‭ ‬طوال‭ ‬الحصص‭ ‬الثلاث‭ ‬المتبقية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬المشؤوم‭ ‬وأنا‭ ‬أدعو‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يخلصني‭ ‬من‭ ‬العقوبة‭ ‬المنتظرة،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يرن‭ ‬جرس‭ ‬“الهدّة”‭ ‬بدقائق‭ ‬قليلة‭ ‬جاءني‭ ‬الأستاذ‭ ‬ماجد‭ ‬وطلب‭ ‬مني‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬الفصل‭ ‬لاستلام‭ ‬حقيبتي‭ ‬والمغادرة،‭ ‬وأمرني‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أكرر‭ ‬فعلتي‭. ‬فرحت‭ ‬بالعقوبة‭ ‬وغادرت‭ ‬كالسهم‭!‬

أكتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬لأقول‭ ‬شكرًا‭ ‬إلى‭ ‬روح‭ ‬الأستاذ‭ ‬ماجد‭ ‬العرادي‭ ‬التي‭ ‬سنشعر‭ ‬بما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬طيبة‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬كبير،‭ ‬وشكرًا‭ ‬إلى‭ ‬المعلم‭ ‬والأستاذ‭ ‬ماجد‭ ‬العرادي‭ ‬رئيس‭ ‬القسم‭ ‬الرياضي‭ ‬بصحيفة‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج،‭ ‬الذي‭ ‬نصحنا‭ ‬وتعاون‭ ‬معنا‭ ‬وكنت‭ ‬شخصيًّا‭ ‬تلميذه‭ ‬في‭ ‬دراستي‭ ‬وعملي،‭ ‬وسأبقى‭ ‬كذلك‭ ‬ما‭ ‬حييت‭ ‬لأستاذ‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬الأعمدة‭ ‬المؤسسة‭ ‬للصحافة‭ ‬الرياضية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

رحمك‭ ‬الله‭ ‬أيها‭ ‬الأستاذ‭ ‬الفاضل‭.. ‬لقد‭ ‬كنت‭ ‬مدرسًا‭ ‬نجيبًا،‭ ‬وصحافيًّا‭ ‬رائدًا،‭ ‬ورياضيًّا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭. ‬إنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‭.‬