الاختيار الصحيح للتخصص الجامعي سبيل النجاح

| حسن الجيدة

في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تعم‭ ‬أهازيج‭ ‬الفرح‭ ‬وتتناثر‭ ‬الورود‭ ‬سعادةً‭ ‬وفرحاً‭ ‬بنجاح‭ ‬أبنائنا‭ ‬وإخواننا‭ ‬وطلابنا‭ ‬الذين‭ ‬تخرجوا‭ ‬من‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية،‭ ‬لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬ينقلب‭ ‬الفرح‭ ‬إلى‭ ‬حيرة‭ ‬والسعادة‭ ‬إلى‭ ‬ضيق؛‭ ‬لأن‭ ‬الطالب‭ ‬يعي‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬انتقالية‭ ‬ومفصلية‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬وعلى‭ ‬وشك‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬أساس‭ ‬النجاح‭ ‬والفشل‭ ‬فيما‭ ‬هو‭ ‬قادم،‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬اختيار‭ ‬تخصص‭ ‬الدراسة‭ ‬الجامعية‭.‬

اختيار‭ ‬التخصص‭ ‬الجامعي‭ ‬النقطة‭ ‬الفارقة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬كل‭ ‬شاب‭ ‬فعليه‭ ‬يعتمد‭ ‬النجاح‭ ‬والفشل،‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬طلاب‭ ‬الجامعة‭ ‬يكتشفون‭ ‬أثناء‭ ‬الدراسة‭ ‬أنهم‭ ‬أخطأوا‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬التخصص،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬يأس‭ ‬وضمور‭ ‬في‭ ‬الهمة‭ ‬والمواصلة‭ ‬والتميز،‭ ‬ونتيجة‭ ‬هذا‭ ‬إما‭ ‬انحدار‭ ‬في‭ ‬التحصيل‭ ‬الأكاديمي‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬إكمال‭ ‬المسيرة‭ ‬التعليمية‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬التخصص‭ ‬وهو‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭. ‬المحصلة‭ ‬النهائية‭ ‬لسوء‭ ‬الاختيار‭ ‬هو‭ ‬دخول‭ ‬أفواج‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬غير‭ ‬المنتجين‭ ‬إلى‭ ‬ميدان‭ ‬العمل‭ ‬ممن‭ ‬يشعرون‭ ‬بالإحباط‭ ‬والضجر‭ ‬من‭ ‬أعمالهم‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬خبرتي‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الأكاديمي‭ ‬كعضو‭ ‬هيئة‭ ‬تدريس‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬مناقشاتي‭ ‬المستمرة‭ ‬مع‭ ‬الطلاب‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬سوء‭ ‬الاختيار‭ ‬قلة‭ ‬الوعي‭ ‬والإرشاد‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭ ‬المبكرة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قلة‭ ‬وعي‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬وقلة‭ ‬إدراكهم‭ ‬قدرات‭ ‬أولادهم‭ ‬وإجبارهم‭ ‬الأبناء‭ ‬على‭ ‬دخول‭ ‬مجالات‭ ‬مخالفة‭ ‬لرغبتهم‭.‬

مما‭ ‬يلوج‭ ‬في‭ ‬الذهن‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬من‭ ‬صعاب‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬التخصص‭ ‬المناسب‭ ‬ومدى‭ ‬أثره‭ ‬السلبي‭ ‬على‭ ‬الطالب‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية‭ ‬وعلى‭ ‬الموظف‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العملية‭ ‬هو‭: ‬كيف‭ ‬السبيل‭ ‬لاتخاذ‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل؟‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الاختيار‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬رغبة‭ ‬الطالب‭ ‬لا‭ ‬رغبة‭ ‬الأهل‭ ‬فهو‭ ‬الأعلم‭ ‬بما‭ ‬يحب‭ ‬ويهوى،‭ ‬ثانياً‭ ‬على‭ ‬الطالب‭ ‬الاختيار‭ ‬بما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬قدراته،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬ليست‭ ‬عنده‭ ‬قدرة‭ ‬الحفظ‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬تخصص‭ ‬الصيدلة‭ ‬لما‭ ‬يحتاجه‭ ‬هذا‭ ‬التخصص‭ ‬من‭ ‬مقدرة‭ ‬مهولة‭ ‬في‭ ‬الحفظ‭ ‬لاستيعاب‭ ‬أسماء‭ ‬الأدوية‭ ‬وتركيبها‭ ‬وتوافقها‭ ‬وتضادها‭ ‬مع‭ ‬بعضها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تخصصات‭ ‬مثل‭ ‬التخصصات‭ ‬الهندسية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬وحل‭ ‬المسائل‭ ‬الرياضية‭ ‬والفيزيائية،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬أهم‭ ‬أسس‭ ‬الاختيار‭ ‬معرفة‭ ‬الشخص‭ ‬قدراته،‭ ‬وما‭ ‬يتوجب‭ ‬النظر‭ ‬إليه‭ ‬أيضاً‭ ‬هو‭ ‬وفرة‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المجدي‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مستهلك‭ ‬ومشبع،‭ ‬فإذا‭ ‬توفرت‭ ‬الرغبة‭ ‬والقدرة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حاجة‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬لهذا‭ ‬التخصص‭ ‬فلا‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬إلا‭ ‬استشارة‭ ‬أصحاب‭ ‬التخصص‭ ‬والأهل‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التوكل‭ ‬على‭ ‬الله‭.‬

وفي‭ ‬الختام‭ ‬لا‭ ‬يسعني‭ ‬إلا‭ ‬تقديم‭ ‬النصح‭ ‬إلى‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬لتوجيه‭ ‬أولادهم‭ ‬ومساعدتهم‭ ‬على‭ ‬اكتشاف‭ ‬قدراتهم‭ ‬وعدم‭ ‬إجبارهم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يرغبون‭ ‬به‭ ‬للذود‭ ‬بالاختيار‭ ‬الصحيح‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬أول‭ ‬عتبة‭ ‬على‭ ‬سلم‭ ‬النجاح‭ ‬والتميز‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬الأولاد‭ ‬والحصاد‭ ‬المثمر‭ ‬للأهل‭ ‬بعد‭ ‬سنين‭ ‬الحرث‭ ‬والزرع‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬الأبناء‭ ‬الخصبة‭.‬