سوالف

“الموظفون التنابلة”... مرض يعجز عنه الطب

| أسامة الماجد

هناك‭ ‬دلائل‭ ‬كثيرة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬“الموظفين‭ ‬التنابلة”‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يفيدون‭ ‬بشيء‭ ‬وتنعدم‭ ‬عندهم‭ ‬الطاقة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وخدمة‭ ‬المراجعين،‭ ‬وغالبا‭ ‬هؤلاء‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬نفسية‭ ‬وصداع‭ ‬ونظر‭ ‬ضعيف‭ ‬وحرارة‭ ‬مرتفعة‭ ‬“في‭ ‬العمل‭ ‬فقط”،‭ ‬ومازلنا‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬ونجهل‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬علنا‭ ‬نقترح‭ ‬العلاج‭ ‬السريع‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الأسبرين‭ ‬والمسكنات،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬التحاليل‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬ورطة‭ ‬يعانيها‭ ‬أولئك‭ ‬“التنابلة”‭ ‬وهي‭ ‬سوء‭ ‬الإجراءات‭ ‬الإدارية‭ ‬ومتابعة‭ ‬المدير‭ ‬المباشر‭ ‬وغياب‭ ‬المحاسبة‭ ‬وعدم‭ ‬الالتزام‭ ‬الدقيق‭ ‬بقاعدة‭ ‬العمل‭ ‬وخدمة‭ ‬المواطنين،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬أو‭ ‬الخاصة‭.‬

إن‭ ‬الكشف‭ ‬الميكروسكوبي‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإدارات‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬جهة‭ ‬العمل‭ ‬ككل،‭ ‬يبين‭ ‬لنا‭ ‬نقصا‭ ‬حادا‭ ‬في‭ ‬النظم‭ ‬واللوائح‭ ‬وخمولا‭ ‬وعجزا‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المواطن،‭ ‬وبالتشخيص‭ ‬الذي‭ ‬نراه‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬مرض‭ ‬يعجز‭ ‬عنه‭ ‬الطب،‭ ‬وإليكم‭ ‬التشخيص‭.‬

ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬جهة‭ ‬خاصة‭ ‬لتخليص‭ ‬معاملة‭ ‬وبعد‭ ‬إتمام‭ ‬الإجراءات‭ ‬انتظرت‭ ‬دوري‭ ‬لمقابلة‭ ‬الموظفة‭ ‬المختصة‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬بتنظيم‭ ‬ودقة‭ ‬وتستقبل‭ ‬المراجعين‭ ‬بابتسامة‭ ‬ورحابة‭ ‬صدر،‭ ‬وحين‭ ‬ظهر‭ ‬رقمي‭ ‬اتجهت‭ ‬إليها‭ ‬وكأني‭ ‬أمشي‭ ‬حافي‭ ‬القدمين‭ ‬عند‭ ‬حافة‭ ‬الشمس،‭ ‬فوجهها‭ ‬كان‭ ‬ملطخا‭ ‬بالعبوس‭ ‬ونظراتها‭ ‬فيها‭ ‬مواويل‭ ‬الاستهتار‭ ‬والغرور،‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬الخطوات‭ ‬القليلة‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أسلمها‭ ‬الأوراق‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬“الكونتر”‭ ‬مفتوح‭ ‬على‭ ‬الأخطار‭. ‬صباح‭ ‬الخير‭.. ‬لم‭ ‬ترد‭.. ‬من‭ ‬فضلك‭ ‬لدي‭ ‬موعد‭ ‬اليوم‭ ‬بخصوص‭ ‬هذه‭ ‬المعاملة،‭ ‬التفتت‭ ‬إلى‭ ‬زميلها‭ ‬ومدت‭ ‬يدها‭ ‬بدون‭ ‬“نفس”‭ ‬وسحبت‭ ‬الأوراق‭ ‬وكأنها‭ ‬أفعى‭ ‬تلدغ،‭ ‬قلبتها‭ ‬لثوان‭ ‬وقالت،‭ ‬هناك‭ ‬ورقة‭ ‬ناقصة،‭ ‬اذهب‭ ‬أحضرها‭ ‬ثم‭ ‬سجل‭ ‬لموعد‭ ‬جديد،‭ ‬وعندما‭ ‬سألتها‭ ‬عن‭ ‬الورقة‭ ‬تبين‭ ‬أنها‭ ‬موجودة‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬تقليب‭ ‬كفيها‭ ‬والنظر‭ ‬بدقة‭ ‬في‭ ‬الأوراق‭.‬

اللغز‭ ‬صعب‭ ‬الحل‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬واضح،‭ ‬فمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأشكال‭ ‬لا‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬له‭ ‬ارتباط‭ ‬مباشر‭ ‬ويومي‭ ‬بالمراجعين،‭ ‬لأنهم‭ ‬مرضى‭ ‬ويفتقدون‭ ‬أبسط‭ ‬قواعد‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الناس،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كانوا‭ ‬يملكون‭ ‬الشهادات،‭ ‬لأن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المراجعين‭ ‬فن‭ ‬بحد‭ ‬ذاته،‭ ‬واستقبالهم‭ ‬بابتسامة‭ ‬لها‭ ‬معان‭ ‬بليغة‭ ‬وكثيرة‭.‬