عودة الرئيس

| د. عبدالله الحواج

بحمد‭ ‬الله‭ ‬وسلامته‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الوطن‭ ‬أمير‭ ‬القلوب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬من‭ ‬استراحته‭ ‬الدورية‭ ‬المباركة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬تايلند‭.. ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬عطلة‭ ‬سموه‭ ‬السنوية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بمثابة‭ ‬استراحة‭ ‬المحارب،‭ ‬تماماً‭ ‬مثلما‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬عطلة‭ ‬للاسترخاء‭ ‬الذي‭ ‬يستحقه‭ ‬أو‭ ‬للراحة‭ ‬التي‭ ‬نطمع‭ ‬لسموه‭ ‬فيها،‭ ‬كانت‭ ‬رحلته‭ ‬خلايا‭ ‬نحل‭ ‬تعمل‭ ‬ليل‭ ‬نهار،‭ ‬الرئيس‭ ‬ونجليه‭ ‬الوفيين‭ ‬وفريق‭ ‬عمله‭ ‬الخبير،‭ ‬يتابعون‭ ‬كل‭ ‬شاردة‭ ‬وواردة،‭ ‬يسهرون‭ ‬مع‭ ‬آلام‭ ‬المواطنين‭ ‬إذا‭ ‬تألموا،‭ ‬ومع‭ ‬معاناتهم‭ ‬إذا‭ ‬عانوا،‭ ‬ومع‭ ‬آمالهم‭ ‬إذا‭ ‬تأملوا‭ ‬في‭ ‬الغد‭ ‬السعيد‭.‬

مشكلات‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬سافرت‭ ‬مع‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬إلى‭ ‬تايلند،‭ ‬لم‭ ‬تتركه‭ ‬يوما‭ ‬واحدا،‭ ‬كانت‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬مناقشاته،‭ ‬في‭ ‬مهاتفاته،‭ ‬في‭ ‬اجتماعاته‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء‭.‬

من‭ ‬مقعده‭ ‬البعيد‭ ‬القريب،‭ ‬كان‭ ‬يبحث‭ ‬قضايا‭ ‬الإسكان‭ ‬والتعليم‭ ‬والصحة،‭ ‬ويوجه‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬البعد‭ ‬منا‭ ‬الوزراء‭ ‬المسئولين‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬موقعه،‭ ‬متابعا‭ ‬تنفيذ‭ ‬قرارات‭ ‬صدرت،‭ ‬ومشاريع‭ ‬أجُيزت،‭ ‬وتوجيهات‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬بها‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ ‬لم‭ ‬يمكث‭ ‬طويلا‭ ‬خارج‭ ‬البلاد،‭ ‬وصحيح‭ ‬أن‭ ‬نخيل‭ ‬الوطن‭ ‬ظل‭ ‬يناديه‭ ‬حتى‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬ربوعه‭ ‬غانما‭ ‬سالما‭ ‬بحمد‭ ‬الله‭ ‬وحفظه،‭ ‬لكن‭ ‬الصحيح‭ ‬أيضا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬راحة‭ ‬ولا‭ ‬اطمئنان‭ ‬إلا‭ ‬وكان‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬بيننا،‭ ‬يجتمع‭ ‬بنا‭ ‬كعادته،‭ ‬يدعونا‭ ‬مثلما‭ ‬عودنا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬المديد‭ ‬إلى‭ ‬مجلسة‭ ‬المهيب،‭ ‬نطارح‭ ‬فيه‭ ‬الآراء،‭ ‬ونطرح‭ ‬على‭ ‬بساطه‭ ‬الأفكار،‭ ‬ونبذل‭ ‬قصارى‭ ‬الجهد‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬هدفنا‭ ‬الموعود‭: ‬أمة‭ ‬واحدة‭ .. ‬شعب‭ ‬واحد‭.‬

وجود‭ ‬سموه‭ ‬بيننا‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬حالة‭ ‬حب‭ ‬ممتدة‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬إلى‭ ‬البحر،‭ ‬حيث‭ ‬“مرج‭ ‬البحرين‭ ‬يلتقيان”،‭ ‬حالة‭ ‬توافق‭ ‬أبدية‭ ‬من‭ ‬الصخر‭ ‬إلى‭ ‬الصخر،‭ ‬حيث‭ ‬الرمل‭ ‬وحصى‭ ‬الطبيعة‭ ‬يتداخلان،‭ ‬إنه‭ ‬الوجود‭ ‬البحريني‭ ‬الفريد،‭ ‬والخلود‭ ‬التايلوسي‭ ‬التليد،‭ ‬والأيقونة‭ ‬العربية‭ ‬الديلمونية‭ ‬الفاضلة‭.‬

نحن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬تغلي،‭ ‬ترامب‭ ‬يمهد‭ ‬ويهدد،‭ ‬وإيران‭ ‬ترد‭ ‬الصاع‭ ‬صاعين،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬الخليج‭ ‬نعيش‭ ‬التوتر‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬القلب‭ ‬فيه،‭ ‬ونواجه‭ ‬التحدي‭ ‬رافضين‭ ‬التشظي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مراحله‭ ‬ومآسية،‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬السلام،‭ ‬إلى‭ ‬النماء،‭ ‬إلى‭ ‬الازدهار،‭ ‬ونفهم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬تنمية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أمان،‭ ‬ولا‭ ‬رخاء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أمن،‭ ‬احتكاك‭ ‬الأمم‭ ‬قد‭ ‬اقترب‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬حدودنا،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬أصبح‭ ‬بالفعل‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬ديارنا،‭ ‬لذا‭ ‬لم‭ ‬يهدأ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬لم‭ ‬يسترح‭ ‬في‭ ‬عطلته‭ ‬السنوية‭ ‬وآثر‭ ‬العودة‭ ‬السريعة‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الوطن‭ ‬حتى‭ ‬يشارك‭ ‬شعبه‭ ‬المحب‭ ‬أفراحه‭ ‬وأطراحه،‭ ‬قلقه‭ ‬ومعاناته،‭ ‬أسئلته‭ ‬الصعبة‭ ‬والأجوبة‭ ‬التي‭ ‬كادت‭ ‬تجف‭ ‬على‭ ‬طرف‭ ‬الحلق‭ ‬واللسان‭.‬

البحرين‭ ‬بخير،‭ ‬نعم‭ ‬بألف‭ ‬خير،‭ ‬طالما‭ ‬قادتها‭ ‬يدركون‭ ‬ويفهمون‭ ‬في‭ ‬فنون‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬اللغة‭ ‬العالمية‭ ‬الجديدة‭ ‬،‭ ‬“حرب‭ ‬ناقلات”‭ ‬،‭ ‬إسقاط‭ ‬طائرة‭ ‬عبقرية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار،‭ ‬استخدام‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الأذكى،‭ ‬وربما‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬باردة،‭ ‬تصريحات‭ ‬نارية‭ ‬متبادلة‭ ‬مع‭ ‬أطراف‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬الحدود،‭ ‬وبين‭ ‬قوى‭ ‬عظمى‭ ‬تستطيع‭ ‬هدم‭ ‬الكون‭ ‬بإشارة‭ ‬طائشة‭ ‬من‭ ‬أصبع‭ ‬مريض‭.‬

هذه‭ ‬الهواجس‭ ‬وغيرها،‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬ظني‭ ‬ما‭ ‬عجلت‭ ‬بعودة‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬إلى‭ ‬وطنه‭ ‬الغالي،‭ ‬حيث‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬زمن‭ ‬الأزمة‭ ‬كفيل‭ ‬بالوقاية‭ ‬من‭ ‬أخطارها‭.‬