رسائل

بعد السكرة .. تأتي الفكرة

| عباس شرف

ألم‭.. ‬انكسار‭.. ‬حسرة‭.. ‬خذلان‭.. ‬مرارة‭.. ‬إحباط‭.. ‬ضياع‭.. ‬تفكّك‭ ‬أسري‭.. ‬ودمار‭ ‬مجتمع،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬لهيب‭ ‬نار‭ ‬الطلاق‭.

‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬عدة‭ ‬أصدرت‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬والأوقاف‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬إحصاء‭ ‬رسميا‭ ‬يفيد‭ ‬بأن‭ ‬عدد‭ ‬حالات‭ ‬الطلاق‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بلغ‭ ‬1929‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬أي‭ ‬بمعدل‭ ‬5‭ ‬حالات‭ ‬طلاق‭ ‬يوميا‭! ‬وهو‭ ‬معدل‭ ‬كبير‭ ‬جدا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمجتمعنا‭ ‬البحريني‭.‬ إذ‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬إنها‭ ‬أصبحت‭ ‬ظاهرة‭ ‬متفشية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬تجاهلها‭ ‬إطلاقا‭.‬

تتعدد‭ ‬أسباب‭ ‬الطلاق‭.. ‬ونظرا‭ ‬لمعرفتي‭ ‬بالأهداف‭ ‬التي‭ ‬غالبا‭ ‬يرسمها‭ ‬مجتمعنا‭ ‬للزواج‭... ‬فإني‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬للطلاق‭ ‬هو‭ ‬الزواج‭ ‬المبكر،‭ ‬حيث‭ ‬انعدام‭ ‬الخبرة‭ ‬الحياتية‭ ‬لكلا‭ ‬الزوجين‭ ‬وعدم‭ ‬الوعي‭ ‬والنضج‭ ‬الكافي‭ ‬وغياب‭ ‬التهيئة‭ ‬الصحيحة‭.‬

إذ‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬كلاهما‭ ‬الأهداف‭ ‬الأساسية‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬والحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬المترتبة‭ ‬عليها‭.. ‬فالزواج‭ ‬ليس‭ ‬مغامرة‭ ‬بوليوودية‭ ‬أو‭ ‬مجرد‭ ‬وسيلة‭ ‬لتفريغ‭ ‬الشهوات‭ ‬العاطفية‭ ‬والجنسية‭.‬

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬القدرة‭ ‬المادية‭ ‬الكافية‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬لتحمل‭ ‬تكاليف‭ ‬الحياة‭ ‬الجديدة‭ ‬بعد‭ ‬الزواج‭ ‬كالإنفاق‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬وتوفير‭ ‬المسكن‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬المتطلبات‭.‬

ومع‭ ‬الأسف‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬بتشجيع‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬“تزوج‭ ‬والله‭ ‬بيفتحها‭ ‬عليك”،‭ ‬وكذلك‭ ‬استغلال‭ ‬توافر‭ ‬المساعدات‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬أو‭ ‬الصناديق‭ ‬الخيرية‭ ‬مثل‭ ‬تقديم‭ ‬تكاليف‭ ‬الزواج‭ ‬لذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬وتوافر‭ ‬الزواج‭ ‬الجماعي‭ ‬الخيري،‭ ‬دون‭ ‬الأخذ‭ ‬بالمعطيات‭ ‬الموجودة‭ ‬للمقدم‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬ودراسة‭ ‬إمكانه‭ ‬تحمل‭ ‬نفقات‭ ‬الأسرة‭ ‬بعد‭ ‬الزواج‭.‬

لابد‭ ‬من‭ ‬تأهيل‭ ‬وتدريب‭ ‬الشباب‭ ‬المقبلين‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬رخصة‭ ‬للزواج‭ ‬إلزاميا‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬عند‭ ‬التقدم‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬رخصة‭ ‬السياقة‭. ‬ويتم‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬عبر‭ ‬إنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬مختصة‭ ‬بعمل‭ ‬دورات‭ ‬إلزامية‭ ‬لكلا‭ ‬الطرفين؛‭ ‬لدعمهما‭ ‬بالمهارات‭ ‬اللازمة‭ ‬لتكوين‭ ‬حياة‭ ‬زوجية‭ ‬مثالية‭ ‬وتعريفهم‭ ‬بالأهداف‭ ‬الحقيقية‭ ‬للزواج‭ ‬وتدريبهم‭ ‬عمليا‭ ‬على‭ ‬فن‭ ‬احتضان‭ ‬المشاكل‭ ‬الزوجية‭ ‬البسيطة،‭ ‬والمرونة‭ ‬الكافية‭ ‬في‭ ‬المعاملة‭ ‬عند‭ ‬الغضب‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإرشادات؛‭ ‬لتفادي‭ ‬الوصول‭ ‬لمرحلة‭ ‬الطلاق‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نسعى‭ ‬جميعا‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬الطلاق‭ ‬ونتدارك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬“قبلة‭ ‬الحب”‭ ‬إلى‭ ‬“‭ ‬قنبلة‭ ‬حرب”‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭ ‬يشعلها‭ ‬فتيل‭ ‬الملل‭ ‬والمشاكل،‭ ‬وكي‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬أحد‭ ‬الطرفين‭ ‬أو‭ ‬كلاهما‭ ‬بأنه‭ ‬نادم‭ ‬على‭ ‬عجلته‭ ‬بالزواج‭ ‬أو‭ ‬اختيار‭ ‬الزوج‭ ‬المناسب،‭ ‬ثم‭ ‬يلجأ‭ ‬للطلاق‭.. ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬السكرة‭.. ‬تأتي‭ ‬الفكرة‭.‬

 

رسالة‭:‬

“يتم‭ ‬الطلاق‭ ‬لأتفه‭ ‬الأسباب‭.. ‬لأن‭ ‬الزواج‭ ‬يتم‭ ‬لأتفه‭ ‬الأسباب”

اندريه‭ ‬موروا