زبدة القول

السودان إلى أين؟

| د. بثينة خليفة قاسم

نفس‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬طرح‭ ‬مرات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بليبيا‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن،‭ ‬نحن‭ ‬نسأل‭ ‬الآن‭ ‬السودان‭ ‬إلى‭ ‬أين؟‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬يأتي‭ ‬نتيجة‭ ‬حالة‭ ‬الغموض‭ ‬وعدم‭ ‬اليقين‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤول‭ ‬إليه‭ ‬الأوضاع‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬سبقت‭ ‬السودان‭ ‬وسقطت‭ ‬في‭ ‬الفوضى‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬نتيجة‭ ‬تشدد‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف‭ ‬وإصرارها‭ ‬على‭ ‬إلغاء‭ ‬بقية‭ ‬الأطراف‭.‬

والقاسم‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬انهارت‭ ‬هو‭ ‬إسقاط‭ ‬الجيش‭ ‬أو‭ ‬إدخال‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬مسلح‭ ‬مع‭ ‬جماعات‭ ‬متطرفة‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬كيف‭ ‬تنشأ‭ ‬وتتسلح‭ ‬بهذه‭ ‬السرعة‭ ‬الكبيرة‭!‬

الشيء‭ ‬المقلق‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬السودانية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العالمية‭ ‬والعربية‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬تلطيخ‭ ‬سمعة‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬وتستخدم‭ ‬مفردات‭ ‬تحريضية‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬عند‭ ‬فض‭ ‬مظاهرة‭ ‬جرت‭ ‬هناك،‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬تستخدم‭ ‬لفظ‭ ‬مجزرة‭ ‬لوصف‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬هناك‭ ‬وتمهد‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬الشعب‭ ‬السوداني‭ ‬لكي‭ ‬يصطدم‭ ‬بجيشه‭ ‬فيسقط‭ ‬ضحايا‭ ‬وتدور‭ ‬الدائرة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭.‬

لماذا‭ ‬رفضت‭ ‬مبادرة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يتقابل‭ ‬السودانيون‭ ‬عند‭ ‬نقطة‭ ‬معينة‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الطريق‭ ‬فتبدأ‭ ‬الدولة‭ ‬السودانية‭ ‬التعافي،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬ظروف‭ ‬السودان‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصمد‭ ‬لوقت‭ ‬طويل‭ ‬أمام‭ ‬الحالة‭ ‬الحالية‭.‬

إن‭ ‬سقوط‭ ‬السودان‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭ ‬طعنة‭ ‬قوية‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬المصري،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬مصر‭ ‬أكثر‭ ‬كيان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬استقرار‭ ‬السودان‭.‬