المهم خروج الفأر من جحره (1)

| نزار جاف

ليس‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تمضي‭ ‬لحرب‭ ‬ومواجهة‭ ‬ما،‭ ‬لكن‭ ‬الأهم‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تفهم‭ ‬الحرب‭ ‬والمواجهة‭ ‬التي‭ ‬تذهب‭ ‬إليها‭ ‬وهل‭ ‬أنك‭ ‬في‭ ‬مستواها‭ ‬وعلى‭ ‬ماذا‭ ‬تعتمد‭ ‬وعلى‭ ‬أية‭ ‬أرضية‭ ‬تقف،‭ ‬وهل‭ ‬أنك‭ ‬قد‭ ‬فهمت‭ ‬عدوك‭ ‬وعرفت‭ ‬مراميه‭ ‬وأهدافه‭ ‬النهائية‭ ‬وإلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬يمكنك‭ ‬التأثير‭ ‬عليه؟‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬من‭ ‬المفيد‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬توجهها‭ ‬لنفسها‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬خوض‭ ‬حرب‭ ‬ومواجهة‭ ‬طاحنة‭ ‬غير‭ ‬مأمونة‭ ‬العواقب‭ ‬مع‭ ‬خصم‭ ‬أقوى‭ ‬بأسا‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬النواحي،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬حيث‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬يفكر‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬وكأنه‭ ‬ند‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفي‭ ‬مستواها،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬الأزمة‭ ‬تتخذ‭ ‬سياقا‭ ‬نحو‭ ‬المواجهة‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يبدر‭ ‬عن‭ ‬طهران‭ ‬هو‭ ‬إثارة‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬وحثه‭ ‬على‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬حلبة‭ ‬المواجهة،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬وفق‭ ‬معظم‭ ‬التقديرات‭ ‬الجارية‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمة‭ ‬فإن‭ ‬معظم‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬والاستخبارية‭ ‬المطلعة،‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬إعادة‭ ‬خطأ‭ ‬إدارة‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬وتسعى‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يكفيها‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬لجعل‭ ‬العالم‭ ‬مقتنعا‭ ‬بتوجيه‭ ‬الضربة‭ ‬العسكرية‭ ‬لإيران‭.‬

السعي‭ ‬لتفجير‭ ‬الناقلات‭ ‬وإسقاط‭ ‬طائرة‭ ‬درون‭ ‬عسكرية‭ ‬أميركية‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الدولي‭ ‬وتحريك‭ ‬الأذرع‭ ‬للقيام‭ ‬بنشاطات‭ ‬معادية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أمور‭ ‬فيها‭ ‬تحد‭ ‬للقوانين‭ ‬والأنظمة‭ ‬الدولية،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬وتم‭ ‬توثيقه‭ ‬دوليا‭ ‬وإقليميا،‭ ‬مع‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬الرد‭ ‬الأميركي‭ ‬دليل‭ ‬تخوف‭ ‬من‭ ‬خوض‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬نظام‭ ‬يحترف‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬كما‭ ‬ترى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأوساط‭ ‬والأقلام،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬كذلك‭ ‬أبدا،‭ ‬إنما‭ ‬هناك‭ ‬طريقة‭ ‬استدراج‭ ‬أميركية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬لاستدراج‭ ‬الفأر‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬المصيدة‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬تملك‭ ‬الأوراق‭ ‬الرابحة‭ ‬بهذا‭ ‬الصدد‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬بأعصاب‭ ‬طهران‭ ‬وتدفعها‭ ‬لارتكاب‭ ‬أخطاء‭ ‬ستعض‭ ‬أصابعها‭ ‬عما‭ ‬قريب‭ ‬ندما،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬أمامها‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تقييم‭ ‬لأخطاء‭ ‬إدارة‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬في‭ ‬خوض‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬التبريرات،‭ ‬وكذلك‭ ‬الاحتمالات‭ ‬المتداعية‭ ‬عنها،‭ ‬والاعتقاد‭ ‬السائد‭ ‬ان‭ ‬ترامب‭ ‬وضع‭ ‬خامنئي‭ ‬ونظامه‭ ‬على‭ ‬نار‭ ‬هادئة‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬باتت‭ ‬مؤذية‭ ‬الآن،‭ ‬وكأنه‭ ‬يريد‭ ‬إخراج‭ ‬الفأر‭ ‬من‭ ‬جحره،‭ ‬وجعله‭ ‬يركض‭ ‬ليلاقي‭ ‬حتفه‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الهر‭ ‬الأميركي،‭ ‬وقطعا‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬عندما‭ ‬يقوم‭ ‬باتباع‭ ‬هكذا‭ ‬أسلوب،‭ ‬فكأنه‭ ‬يطبق‭ ‬المثل‭ ‬الإنجليزي‭ ‬المعروف‭ ‬“لا‭ ‬تحرق‭ ‬بيتك‭ ‬لكي‭ ‬تخيف‭ ‬الفئران”‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬قيامه‭ ‬بصرف‭ ‬أموال‭ ‬طائلة‭ ‬وجهود‭ ‬استثنائية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الإرهاب،‭ ‬لكن‭ ‬النتيجة‭ ‬كانت‭ ‬عكسية‭ ‬إذ‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الخسائر‭ ‬المادية‭ ‬والروحية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تكبدتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬لجم‭ ‬الإرهاب‭ ‬وتحديده‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تجاهلت‭ ‬الوكر‭ ‬الأساسي‭ ‬للإرهاب‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬ذاتها‭. ‬“إيلاف”‭.‬

من‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬أمامها‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تقييم‭ ‬لأخطاء‭ ‬إدارة‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬في‭ ‬خوض‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬التبريرات