سوالف

العضو البلدي يسترخص حياة أبنائنا!

| أسامة الماجد

أيام‭ ‬الانتخابات‭ ‬كان‭ ‬يتصنع،‭ ‬خشية‭ ‬انكشاف‭ ‬دخيلته،‭ ‬لكن‭ ‬قسمات‭ ‬وجهه‭ ‬تنم‭ ‬عنه،‭ ‬ذلك‭ ‬الوميض‭ ‬الذي‭ ‬طرفت‭ ‬به‭ ‬العين‭ ‬جلب‭ ‬لأهل‭ ‬الدائرة‭ ‬الشكوك،‭ ‬ومن‭ ‬صوتوا‭ ‬له‭ ‬أصبحوا‭ ‬كمن‭ ‬تقطعت‭ ‬أمامهم‭ ‬سبل‭ ‬العودة،‭ ‬حوصروا‭ ‬حيث‭ ‬كانوا‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬باستطاعتهم‭ ‬معرفة‭ ‬الاتجاهات،‭ ‬كُثُر‭ ‬لم‭ ‬يعطوا‭ ‬صوتهم‭ ‬له‭ ‬لمعرفتهم‭ ‬التامة‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬للعمل‭ ‬البلدي‭ ‬وليست‭ ‬لديه‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬تلقي‭ ‬شكاوى‭ ‬المواطنين‭ ‬ومتابعتها،‭ ‬وحين‭ ‬قرأت‭ ‬“برنامجه‭ ‬الانتخابي”‭ ‬رفضته‭ ‬بكل‭ ‬نبضات‭ ‬القناعة‭ ‬ومختلف‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الحسية،‭ ‬واخترت‭ ‬ملاحقة‭ ‬أصحاب‭ ‬الفكر‭ ‬والعمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬المشهود‭ ‬لهم‭ ‬بالالتزام‭ ‬وعدم‭ ‬إغماض‭ ‬العين‭.‬

لا‭ ‬جديد‭... ‬تمضي‭ ‬الأيام‭ ‬متثاقلة‭ ‬ولم‭ ‬يشاهد‭ ‬الأهالي‭ ‬العضو‭ ‬البلدي‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬زيارة‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬طلبات‭ ‬الناس‭ ‬والاستماع‭ ‬إلى‭ ‬همومهم‭ ‬ومشاكلهم،‭ ‬بل‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يقرأ‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬ولا‭ ‬يتابع‭ ‬الأخبار‭ ‬ومعزول‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬مناخه‭ ‬البعيد،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يستطيع‭ ‬فعله‭ ‬هو‭ ‬إرسال‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬لجلساته‭ ‬عديمة‭ ‬الفائدة‭ ‬عبر‭ ‬“الواتساب”‭ ‬للناس،‭ ‬ليقول‭ ‬لهم،‭ ‬أنا‭ ‬الكتاب‭ ‬الضخم‭ ‬والمعادلة‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬البلدي‭ ‬وسأقودكم‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل‭ ‬المرجو‭ ‬لهذه‭ ‬الدائرة،‭ ‬أنا‭ ‬العضو‭ ‬البلدي‭ ‬المتيقظ‭ ‬والمدافع‭ ‬عن‭ ‬مشاكلكم‭ ‬والقادر‭ ‬على‭ ‬النظر‭ ‬واكتشاف‭ ‬كل‭ ‬الزوايا‭.‬

بدأت‭ ‬رياح‭ ‬“وعي‭ ‬واكتشاف”‭ ‬أهل‭ ‬الدائرة‭ ‬تهب‭ ‬بعد‭ ‬“تطنيش”‭ ‬العضو‭ ‬البلدي‭ ‬طلبا‭ ‬صغيرا‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬تقدموا‭ ‬به‭ ‬عن‭ ‬“مرتفعات”،‭ ‬وبعبارة‭ ‬أدق‭ ‬طلب‭ ‬“مرتفعين”‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬ذلك‭ ‬الطريق‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬وبشهادة‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء‭. ‬نقل‭ ‬الأهالي‭ ‬الطلب‭ ‬بكل‭ ‬أناقة‭ ‬وموضة‭ ‬وذوق‭ ‬إلى‭ ‬العضو‭ ‬البلدي‭ ‬متعطشين‭ ‬للحياة‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬شارعهم‭ ‬لكنهم‭ ‬صدموا‭ ‬بعدم‭ ‬تجاوب‭ ‬أزلي‭ ‬وكان‭ ‬نصيبهم‭ ‬الإهمال‭ ‬والبوار،‭ ‬ولا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬الواقع‭.‬

“بو‭ ‬بدر”‭ ‬استوقفني‭ ‬مساء‭ ‬الجمعة‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬وعيناه‭ ‬تبصران‭ ‬في‭ ‬الليل‭ ‬الصامت‭ ‬وكان‭ ‬يبدو‭ ‬عليه‭ ‬التوجس‭ ‬والأرق‭ ‬“أين‭ ‬ممثل‭ ‬دائرتنا‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬نطلبه،‭ ‬أصبحنا‭ ‬نخاف‭ ‬على‭ ‬أطفالنا‭ ‬بسبب‭ ‬السيارات،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬فعل‭ ‬شيء،‭ ‬سنجمع‭ ‬المال‭ (‬حطيه‭) ‬وسنرصف‭ ‬طريقنا‭ ‬بالمرتفعات”‭.‬

حديث‭ ‬بوبدر‭ ‬أعاد‭ ‬إلى‭ ‬ذاكرتي‭ ‬الحادث‭ ‬المؤسف‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬المالكية‭ ‬قبل‭ ‬حوالي‭ ‬4‭ ‬أشهر‭ ‬وراح‭ ‬ضحيته‭ ‬أحد‭ ‬الأطفال‭ ‬أثناء‭ ‬عبوره‭ ‬الشارع‭ ‬آنذاك،‭ ‬وكان‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الأسباب‭ ‬تجاهل‭ ‬البلدية‭ ‬نداءات‭ ‬الأهالي‭ ‬بإنشاء‭ ‬“مرتفع”‭ ‬في‭ ‬الحي‭ ‬السكني،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تحقق‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬“وقوع‭ ‬الفأس‭ ‬في‭ ‬الرأس”‭.‬

ألم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إن‭ ‬شوارعنا‭ ‬وطرقنا‭ ‬وفرجاننا‭ ‬تبدو‭ ‬عليها‭ ‬الكآبة‭ ‬منذ‭ ‬الأزل‭.‬