فجر جديد

مستشفى أم مقصب؟

| إبراهيم النهام

التقرير‭ ‬الذي‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬“البلاد”‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬عن‭ ‬واقعة‭ ‬مريضة‭ ‬إزالة‭ ‬الرحم،‭ ‬والتي‭ ‬دخلت‭ ‬أخيرًا‭ ‬مرحلة‭ (‬حرجة‭ ‬للغاية‭)‬،‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬لـ‭(‬الرأي‭ ‬العام‭) ‬لولا‭ ‬دور‭ ‬الصحافة‭ ‬المستنير‭ ‬والذي‭ ‬يكشف‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الدهاليز‭ ‬الطبية،‭ ‬من‭ ‬أخطاء،‭ ‬وتجاوزات،‭ ‬يستميت‭ ‬البعض‭ ‬لمواراتها‭ ‬وإخفائها‭.‬

وإضافة‭ ‬لهذه‭ ‬الحادثة،‭ ‬هنالك‭ ‬حوادث‭ ‬أخرى‭ ‬عديدة،‭ ‬كشفتها‭ (‬البلاد‭) ‬كحادثة‭ ‬الخمسيني‭ (‬سيد‭ ‬مصطفى‭ ‬علي‭) ‬والذي‭ ‬تدهورت‭ ‬صحته‭ ‬قبل‭ ‬أسابيع،‭ ‬بسبب‭ ‬إهمال‭ ‬طبي‭ ‬مشابه‭ ‬لحالة‭ ‬مريضة‭ ‬إزالة‭ ‬الرحم،‭ ‬حيثُ‭ ‬لم‭ ‬يُشخص‭ ‬المريض‭ ‬بالشكل‭ ‬صحيح،‭ ‬ونُقل‭ ‬للجناح‭ (‬مباشرة‭) ‬دون‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاستباقية‭ ‬اللازمة،‭ ‬كإدخاله‭ ‬لغرفة‭ ‬العناية‭ ‬القصوى،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬مريض‭ ‬قلب‭.‬

فكانت‭ ‬النتيجة‭ (‬الطبيعية‭) ‬بأن‭ ‬تدهورت‭ ‬صحته‭ ‬فجأة،‭ ‬وسط‭ ‬خوف‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬عائلته،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬المحاولات‭ ‬المتأخرة‭ ‬لإنقاذه،‭ ‬سلم‭ (‬سيد‭ ‬مصطفى‭) ‬روحه‭ ‬لبارئها‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬عيد‭ ‬الفطر،‭ ‬وبأي‭ ‬حال‭ ‬عدت‭ ‬يا‭ ‬عيد؟

‭ ‬وغير‭ ‬هذه‭ ‬الحوادث،‭ ‬تكثر‭ (‬سيناريوهات‭) ‬الأخطاء‭ ‬الطبية،‭ ‬مسببها‭ ‬الأول‭ ‬الكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬نفسها،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تمارس‭ ‬دورها‭ ‬المسؤول‭ ‬بما‭ ‬يرضي‭ ‬الله‭ ‬عزّ‭ ‬وجلّ،‭ ‬فيكون‭ ‬أبرد‭ ‬ما‭ ‬لديهم،‭ ‬أحر‭ ‬ما‭ ‬لدى‭ ‬أهالي‭ ‬المريض،‭ ‬بإهمال‭ ‬متكرّر،‭ ‬ختامه‭ ‬الموت‭ ‬المبكر‭ ‬والصادم‭ ‬لذوي‭ ‬الفقيد‭.‬

‭ ‬العجيب‭ ‬ها‭ ‬هنا،‭ ‬هو‭ ‬الردود‭ ‬الباردة‭ ‬والمتحفظة‭ ‬والمختصرة‭ ‬التي‭ ‬تطل‭ ‬بها‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ (‬غالبًا‭) ‬المائتين‭ ‬كلمة،‭ ‬هي‭ ‬ببساطة‭ ‬ثمن‭ ‬هذه‭ ‬الروح‭ ‬وتلك،‭ ‬والأعجب‭ ‬أيضًا‭ ‬عدم‭ ‬نزول‭ ‬وزيرة‭ ‬الصحة‭ ‬للحالات‭ ‬التي‭ ‬تثار‭ ‬بالرأي‭ ‬العام،‭ ‬بصورة‭ ‬تخالف‭ ‬توجيهات‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭.‬

‭ ‬ولفت‭ ‬انتباهي‭ ‬بمضض،‭ ‬الرد‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الوزارة‭ ‬لجمع‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬والذين‭ ‬طالبوا‭ ‬الوزيرة‭ ‬بشكل‭ ‬مشروع‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يجري،‭ ‬وفي‭ ‬نتائج‭ ‬لجان‭ ‬التحقيق‭ ‬السابقة،‭ ‬فكان‭ ‬الرد‭ ‬مفاجئًا‭: ‬بيان‭ ‬الوزارة‭ ‬استبق‭ ‬بيان‭ ‬النواب‭ ‬عن‭ ‬مريضة‭ ‬إزالة‭ ‬الرحم‭.‬

ما‭ ‬يجري‭ ‬ببساطة،‭ ‬من‭ ‬استخفاف‭ ‬واستغفال‭ ‬للناس،‭ ‬ولكرامتهم،‭ ‬وللنواب‭ ‬ولمكانتهم‭ ‬المقدرة‭ ‬عاليًا‭ ‬لأنهم‭ ‬بحرينيون‭ ‬أولاً،‭ ‬ولأنهم‭ ‬منتخبون‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬ثانيًا،‭ ‬يحمل‭ ‬دلالات‭ (‬غياب‭) ‬المحاسبة،‭ ‬والإقالة‭ ‬للمُقصرين‭.‬

‭ ‬هذه‭ ‬التراكمات،‭ ‬وسّمت‭ ‬مستشفى‭ ‬السلمانية‭ ‬بــ‭(‬المقصب‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬مسمى‭ ‬نابع‭ ‬بشكل‭ ‬عفوي‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الشارع‭ ‬البحريني،‭ ‬ويحمل‭ ‬دلالات‭ ‬الغضب‭ ‬والخوف‭ ‬وفقدان‭ ‬الثقة،‭ ‬فإلى‭ ‬متى؟