الخطيب الطائفي العنصري الفاشل!

| سعيد محمد

منطقيًا،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬“ينضبط”‭ ‬الخطيب‭ ‬الطائفي‭ ‬العنصري‭ ‬التكفيري‭ ‬المتشدد‭ ‬الفاشل‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬انتماؤه‭ ‬المذهبي‭! ‬والصحيح،‭ ‬عدم‭ ‬تضييع‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬“محاولات‭ ‬ترشيد‭ ‬وتقويم‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الخطباء”‭.. ‬

الصحيح‭ ‬هو‭ ‬ألا‭ ‬يرتقوا‭ ‬منبر‭ ‬الخطابة‭ ‬ليبثوا‭ ‬سمومهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

نحن‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2019،‭ ‬وأمامنا‭ ‬تصريح‭ ‬مهم‭ ‬لوزير‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف‭ ‬سعادة‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬تجديد‭ ‬لغة‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني؛‭ ‬والذي‭ - ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬التصريح‭ - ‬“يأتي‭ ‬انعكاسا‭ ‬لما‭ ‬جُبِل‭ ‬عليه‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬وسطية‭ ‬واعتدال،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تُترجمه‭ ‬رؤية‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬بالتأكيد‭ ‬الدائم‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬الاعتدال‭ ‬والوسطية،‭ ‬وتفعيلًا‭ ‬لمبادرات‭ ‬الخطة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتعزيز‭ ‬الانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬وترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬المواطنة،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬المبادرة‭ ‬المنوطة‭ ‬بوزارة‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف‭ ‬والمتعلقة‭ ‬بترشيد‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬ونشر‭ ‬القيم‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدينية‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬اتجاهات‭ ‬التطرف‭ ‬ونبذ‭ ‬الآخر”‭.‬

تصريح‭ ‬الوزير‭ ‬تطرق‭ ‬إلى‭ ‬“دور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الريادي‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش”،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬ضرورة‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتطوير‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬انفتاحه‭ ‬ووسطيته،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الغلو‭ ‬والتطرف،‭ ‬لافتًا‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬الأسرة‭ ‬والإعلام‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬وغرس‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الأجيال،‭ ‬وكلام‭ ‬الوزير‭ ‬هنا‭ ‬“موضع‭ ‬اتفاق‭ ‬وتأييد”،‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬حريص‭ ‬على‭ ‬الوطن‭.‬

سأعود‭ ‬إلى‭ ‬العام‭ ‬2009،‭ ‬ففي‭ ‬ذلك‭ ‬العام،‭ ‬اقترح‭ ‬وكيل‭ ‬الشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬بوزارة‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف‭ ‬فضيلة‭ ‬الدكتور‭ ‬فريد‭ ‬بن‭ ‬يعقوب‭ ‬المفتاح‭ ‬مرئيات‭ ‬للنهوض‭ ‬بمشروع‭ ‬إسلامي‭ ‬وسطي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تنقية‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬ذات‭ ‬النتائج‭ ‬السلبية‭ ‬العكسية،‭ ‬ولاسيما‭ ‬تلك‭ ‬المتشددة‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬الضغائن‭ ‬والأحقاد‭ ‬والعداوات‭ ‬والفتن‭ ‬بين‭ ‬أهل‭ ‬البلد،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تلك‭ ‬المبادرة‭ ‬أو‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬للشيخ‭ ‬المفتاح،‭ ‬فهو‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال،‭ ‬صاحب‭ ‬خطاب‭ ‬ديني،‭ ‬ثقافي،‭ ‬اجتماعي،‭ ‬إنساني،‭ ‬فكري‭ ‬معتدل،‭ ‬لكن‭ ‬بيت‭ ‬القصيد،‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الماضية،‭ ‬كانت‭ ‬الخطاب‭ ‬“السيئ”‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬عدة،‭ ‬يظهر‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر،‭ ‬والمراد‭: ‬إما‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬ضبط‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬صارمًا‭ ‬ووفق‭ ‬القوانين،‭ ‬أو‭ ‬ستذهب‭ ‬الجهود‭ ‬سدى‭ ‬وسيبقى‭ ‬الحديث‭ ‬فقط‭ ‬حبرًا‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬ولن‭ ‬تنجح‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات،‭ ‬وكلامي‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬إثارة‭ ‬للتشاؤم،‭ ‬ولكن‭ ‬لأن‭ ‬البلد‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬الجميع‭... ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬التشريعات‭ ‬والقوانين،‭ ‬إنما‭ ‬في‭ ‬تطبيقها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يثبت‭ ‬عليه‭ ‬تجاوز‭ ‬القانون‭.‬