رؤيا مغايرة

إيران... العمل على نار هادئة

| فاتن حمزة

قديماً‭ ‬قالوا‭ ‬إنك‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تهزم‭ ‬عدواً‭ ‬لا‭ ‬تعرفه،‭ ‬فمعرفته‭ ‬نصف‭ ‬الانتصار،‭ ‬فجارة‭ ‬السوء‭ ‬لمن‭ ‬قرأ‭ ‬تاريخها‭ ‬يعلم‭ ‬يقينا‭ ‬أن‭ ‬طبخاتها‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬نار‭ ‬هادئة،‭ ‬لا‭ ‬تكترث‭ ‬بسرعة‭ ‬النتائج‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تنشد‭ ‬بقاءها‭ ‬وديمومتها‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬وقت،‭ ‬فخططها‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬سنة،‭ ‬وإلا‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يعتقد‭ ‬أنها‭ ‬وهي‭ ‬حديثة‭ ‬عهد‭ ‬بثورة‭ ‬وخارجة‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬مدمرة،‭ ‬استطاعت‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬قليلة‭ ‬بسط‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬أربع‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أذرعها‭ ‬الطويلة‭ ‬والقصيرة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭.‬

إن‭ ‬خطتهم‭ ‬السرية‭ ‬تقول‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬ثورتنا‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭ ‬الإسلامية‭ ‬المجاورة‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬ثقافة‭ ‬تلك‭ ‬البلاد‭ ‬الممزوجة‭ ‬بثقافة‭ ‬الغرب‭ ‬ستهاجمنا‭ ‬وتنتصر‭ ‬علينا،‭ ‬وقد‭ ‬قامت‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬بعد‭ ‬قرون‭ ‬عديدة‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬إرشادات‭ ‬زعمائهم،‭ ‬فهي‭ ‬حكومة‭ ‬مذهبية‭ ‬تجعل‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الأولويات،‭ ‬لكن‭ ‬نظراً‭ ‬للوضع‭ ‬العالمي‭ ‬الحالي‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭ - ‬كما‭ ‬اصطُلحَ‭ ‬على‭ ‬تسميتها‭ - ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬اقترن‭ ‬ذلك‭ ‬بأخطار‭ ‬جسيمة‭ ‬مدمرة‭.‬

إيران‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬جيوشها‭ ‬لمحاربة‭ ‬الآخر‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تطلب‭ ‬ذلك،‭ ‬فجُل‭ ‬حروبها‭ ‬بالوكالة،‭ ‬إيران‭ ‬تمكر‭ ‬وهي‭ ‬غير‭ ‬معنية‭ ‬بالدين‭ ‬والمبادئ‭ ‬والقيم،‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬تتوانى‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬يدها‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬أعداء‭ ‬الإسلام‭ ‬لحربها،‭ ‬وهم‭ ‬يعترفون‭ ‬بذلك‭ ‬دون‭ ‬خجل،‭ ‬فقد‭ ‬وضعوا‭ ‬خطة‭ ‬خمسية‭ ‬تشمل‭ ‬مراحل،‭ ‬ومدة‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬لتصدير‭ ‬الثورة‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬وتوحيد‭ ‬الإسلام‭ ‬كما‭ ‬يزعمون،‭ ‬فالخطر‭ ‬الذي‭ ‬يواجههم‭ ‬من‭ ‬المذاهب‭ ‬الإسلامية‭ ‬كما‭ ‬يدعون‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬يواجههم‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب؛‭ ‬لأن‭ ‬هؤلاء‭ ‬يناهضون‭ ‬حركتهم،‭ ‬وفي‭ ‬معتقداتهم‭ ‬أنهم‭ ‬الأعداء‭ ‬الأصليون‭ ‬لولاية‭ ‬الفقيه‭.‬

لا‭ ‬نجد‭ ‬مناصاً‭ ‬من‭ ‬إبقاء‭ ‬أمر‭ ‬خطة‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإيرانية‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬أذهاننا،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬الناشئة‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬تغيب‭ ‬أو‭ ‬تغيب‭ ‬عنهم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المؤامرات‭ ‬التي‭ ‬تحاك‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬قم‭. ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬تجدي‭ ‬معها‭ ‬الحروب‭ ‬التقليدية،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نفكر‭ ‬بطريقتهم،‭ ‬وقيل‭ ‬حارب‭ ‬عدوك‭ ‬بسلاحه‭.‬