حتى الشجر والقصب يبكي إعلامنا

| فرات البسام

الكثير‭ ‬من‭ ‬الشجر‭ ‬والقصب‭ ‬يتألم‭ ‬وأصبح‭ ‬يبكي‭ ‬على‭ ‬عطشه‭ ‬وشحت‭ ‬الماء‭ ‬ونضوب‭ ‬نهر‭ ‬الوعي،‭ ‬وبقي‭ ‬القليل‭ ‬ممن‭ ‬يتأثر‭ ‬بدموع‭ ‬المدن،‭ ‬فأصبحت‭ ‬مثل‭ ‬دموع‭ ‬المطر‭ ‬على‭ ‬نوافذ‭ ‬العوز،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬نحن‭ ‬نعشق‭ ‬مدننا‭ ‬ونعيش‭ ‬هواية‭ ‬صناعة‭ ‬الحلم،‭ ‬ونقف‭ ‬كإعلام‭ ‬أمام‭ ‬مرآة‭ ‬الحقيقة‭ ‬ونستدعي‭ ‬ضمائرنا‭ ‬كي‭ ‬تحضر‭ ‬لتقول‭ ‬لنا‭ ‬كيف‭ ‬نعمل‭ ‬لأننا‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬أخفقنا‭ ‬في‭ ‬نصرة‭ ‬تلك‭ ‬المدن‭ ‬الحزينة‭ ‬وإخفاقنا‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬ذواتنا‭ ‬وحماية‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولم‭ ‬نستطع‭ ‬أن‭ ‬نوفر‭ ‬لحياتنا‭ ‬وحياة‭ ‬أطفالنا‭ ‬حلم‭ ‬السعادة‭ ‬وشجرة‭ ‬الميلاد‭ ‬الجديدة‭ ‬وألوانها‭ ‬ومصابيحها‭ ‬التي‭ ‬تضيء‭ ‬ساحة‭ ‬الفرح‭ ‬وبرغبة‭ ‬الأطفال‭ ‬وأمهاتهم‭ ‬وآبائهم‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬هادئة‭ ‬كريمة‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الغدر،‭ ‬حياة‭ ‬لا‭ ‬يموت‭ ‬فيها‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬الشظايا‭ ‬ورصاص‭ ‬الشر،‭ ‬فكانت‭ ‬قراءتي‭ ‬عن‭ ‬حلم‭ ‬لأمة‭ ‬سيدها‭ ‬محمد‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬ص‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تتخلص‭ ‬من‭ ‬غثيانها‭ ‬بسبب‭ ‬تلك‭ ‬الاستهدافات،‭ ‬وأنا‭ ‬صامد‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أطفالنا‭ ‬مثل‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬ينزعج‭ ‬ويريد‭ ‬أن‭ ‬يستريح‭ ‬من‭ ‬سعادته‭ ‬الطافحة‭ ‬بالألعاب‭ ‬وزينة‭ ‬المفرقعات‭ ‬النارية‭ ‬ويسعد‭ ‬بدورة‭ ‬سنة‭ ‬جديدة‭ ‬وفي‭ ‬غفلة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬النجمة‭ ‬المستيقظة‭ ‬سينسل‭ ‬الأب‭ (‬نيكلاوس‭) ‬أو‭ ‬كما‭ ‬نحب‭ ‬أن‭ ‬نسميه‭ (‬بابا‭ ‬نوئيل‭) ‬ليتسلق‭ ‬نوافذ‭ ‬البراءة‭ ‬لغرف‭ ‬الأطفال،‭ ‬بقبعته‭ ‬وبدلته‭ ‬الحمراء‭ ‬ولحيته‭ ‬البيضاء‭ ‬يحمل‭ ‬كيسا‭ ‬مليئا‭ ‬بالهدايا‭ ‬ويضعها‭ ‬قرب‭ ‬وسائد‭ ‬النوم‭ ‬وهو‭ ‬يتمنى‭ ‬لهم‭ ‬ميلاداً‭ ‬مجيداً‭ ‬ليوم‭ ‬ولد‭ ‬فيه‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ (‬ع‭)‬،‭ ‬فقط‭ ‬لينثر‭ ‬بذرة‭ ‬الخير‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬العهد‭ ‬حتى‭ ‬وسادة‭ ‬ابني‭ ‬الأصغر‭ ‬بسام‭ ‬كي‭ ‬يزرع‭ ‬بها‭ ‬وردة‭ ‬السلام‭.‬

نحن‭ ‬نعاتب‭ ‬المجتمع‭ ‬كيف‭ ‬يتناقل‭ ‬أخبار‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬بينما‭ ‬لم‭ ‬نمنحه‭ ‬ولم‭ ‬نعلمه‭ ‬أن‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬الناس‭ ‬وليس‭ ‬كل‭ ‬الكتاب‭ ‬والكتبة‭ ‬أبرياء‭ ‬كبائعة‭ ‬اللبن‭ ‬الخاثر‭ ‬على‭ ‬جسر‭ (‬كاسترو‭) ‬في‭ ‬اليونان‭ ‬التي‭ ‬تهمس‭ ‬بأذني‭ ‬وتقول‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أمنحك‭ ‬قبلة‭ ‬لأنك‭ ‬لست‭ ‬ابن‭ ‬عمي،‭ ‬فنحن‭ ‬من‭ ‬سمح‭ ‬للغريب‭ ‬أن‭ ‬يحرث‭ ‬أفكار‭ ‬شبابنا‭ ‬ويعيد‭ ‬زراعتها‭ ‬بشعارات‭ ‬الخيانة‭ ‬ضد‭ ‬بلادهم‭ ‬واستقرارها،‭ ‬نحن‭ ‬لم‭ ‬نختر‭ ‬قادة‭ ‬إعلاميين‭ ‬بل‭ ‬اخترنا‭ ‬إعلاما‭ ‬قياديا‭ ‬فأصبح‭ ‬الشر‭ ‬يقودنا‭ ‬والخير‭ ‬يضللنا،‭ ‬أصبحنا‭ ‬ننتظر‭ ‬الفعل‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬لدينا‭ ‬ردة‭ ‬فعل،‭ ‬أنا‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬سومر‭ ‬يكون‭ ‬بريئا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬هجره‭ ‬الزمان‭ ‬المتحاصص‭.‬