ريشة في الهواء

حديث الحرب وقطر...

| أحمد جمعة

بعد‭ ‬إسقاط‭ ‬طائرة‭ ‬مسيرة‭ ‬أميركية،‭ ‬تصاعد‭ ‬حديث‭ ‬وطغى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬عداه‭ ‬من‭ ‬كلام،‭ ‬فلا‭ ‬تلتفت‭ ‬لاثنين‭ ‬حولك‭ ‬إلا‭ ‬ويتجادلان‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الحرب،‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يريدها‭ ‬ومن‭ ‬يخشاها،‭ ‬هناك‭ ‬فريق‭ ‬اكتسب‭ ‬موهبة‭ ‬خارقة‭ ‬في‭ ‬التحليل‭ ‬والاستنباط،‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الشعبي،‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الفضائيات‭ ‬والقنوات‭ ‬الصوتية،‭ ‬فيبدو‭ ‬أن‭ ‬سوق‭ ‬التحليل‭ ‬والتنظير‭ ‬للحرب‭ ‬واحتمالاتها‭ ‬أضحت‭ ‬فرصة‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والأجانب‭ ‬لاستعراض‭ ‬بضاعتهم‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬المماحكة‭ ‬والجدل،‭ ‬وأما‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يملكون‭ ‬رؤية‭ ‬حقيقية‭ ‬ودراية‭ ‬بخلفيات‭ ‬الحرب‭ ‬وتداعياتها‭ ‬إن‭ ‬وقعت‭ ‬فإن‭ ‬جهودهم‭ ‬تضيع‭ ‬وسط‭ ‬طوابير‭ ‬المحللين‭ ‬الذين‭ ‬برعوا‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬المحطات‭ ‬الفضائية‭ ‬والإذاعية‭ ‬بإيجاد‭ ‬مادة‭ ‬لسد‭ ‬ساعات‭ ‬البث‭ ‬الطويلة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬لملئها‭ ‬الفضائيات‭.‬

أسوأ‭ ‬قناة‭ ‬تروج‭ ‬للحرب‭ ‬وتوتر‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬هي‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬ومعها‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬الطائفية،‭ ‬خصوصا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تمولها‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان،‭ ‬والمضحك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعمعة‭ ‬أنك‭ ‬تكتشف‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬والقنوات‭ ‬الممولة‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬فيكاد‭ ‬يكون‭ ‬الخطاب‭ ‬“كوبي‭ ‬بيست”‭ ‬وهنا‭ ‬يقفز‭ ‬سؤال‭: ‬هل‭ ‬أضحت‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬إيرانية؟‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬الجواب‭: ‬ممكن‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬نعم‭ ‬فذلك‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬أضحت‭ ‬ولاية‭ ‬إيرانية،‭ ‬وإلا‭ ‬كيف‭ ‬يستقيم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صوت‭ ‬دولة‭ ‬خليجية‭ ‬مازالت‭ ‬محسوبة‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬وتحضر‭ ‬اجتماعات‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬ولا‭ ‬تكتفي‭ ‬بالخطاب‭ ‬الإعلامي‭ ‬الداعم‭ ‬لإيران‭ ‬بل‭ ‬تضرب‭ ‬مصالح‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬الأخرى‭ ‬بتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬والتسهيلات‭ ‬لإيران،‭ ‬بل‭ ‬تدعم‭ ‬أذرع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬الأمر‭ ‬بالتآمر‭ ‬العلني‭ ‬المكشوف‭ ‬على‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬خلايا‭ ‬الإرهاب‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج‭ ‬علناً‭.‬

ألا‭ ‬تخشى‭ ‬قطر‭ ‬الحرب‭ ‬وتداعياتها‭ ‬وهي‭ ‬تصطف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إيران؟‭ ‬ألا‭ ‬يسأل‭ ‬الشعب‭ ‬القطري‭ ‬الكريم‭ ‬وهو‭ ‬جزء‭ ‬حساس‭ ‬من‭ ‬مكون‭ ‬الجسد‭ ‬الخليجي‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬يقوده‭ ‬نظام‭ ‬بلاده؟‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أصدق‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يزداد‭ ‬التوتر‭ ‬أن‭ ‬تندفع‭ ‬قطر‭ ‬بكل‭ ‬وضوح‭ ‬وجلاء‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬سراً‭ ‬بدعم‭ ‬إيران‭ ‬وأذرعها‭ ‬بالمنطقة‭ ‬لمجرد‭ ‬كبرياء‭ ‬سياسي‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬حتى‭ ‬مصلحة‭ ‬شعبه؟‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬يقود‭ ‬نظام‭ ‬قطر‭ ‬بلده‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬بالذات‭ ‬الذي‭ ‬تعلب‭ ‬فيه‭ ‬إيران‭ ‬لعبة‭ ‬حافة‭ ‬الهاوية‭ ‬وترقص‭ ‬أميركا‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬رقصة‭ ‬الهاوية،‭ ‬والمنطقة‭ ‬برمتها‭ ‬على‭ ‬كف‭ ‬عفريت،‭ ‬فهناك‭ ‬برميل‭ ‬نفط‭ ‬وبجانبه‭ ‬علبة‭ ‬ثقاب‭ ‬تنتظر‭ ‬من‭ ‬يشعل‭ ‬فتيلها‭.‬

الحرب‭ ‬مخيفة‭ ‬ومدمرة‭ ‬وتداعياتها‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬سلفاً‭ ‬وقد‭ ‬تقع‭ ‬بأية‭ ‬لحظة‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬بد‭ ‬منها‭ ‬ولكن‭ ‬أين‭ ‬سيذهب‭ ‬القطار‭ ‬القطري‭ ‬وسط‭ ‬الزلزال‭ ‬القادم؟‭.‬

 

تنويرة:

‬لا‭ ‬تكن‭ ‬شاهداً‭ ‬رغم‭ ‬أنفك‭!‬