الخليج العربي والأمن القومي (1)

| عبدعلي الغسرة

في‭ ‬خضم‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وأقطاره‭ ‬تأتي‭ ‬فرصة‭ ‬كبيرة‭ ‬لتفعيل‭ ‬اتفاقية‭ ‬التعاون‭ ‬العربي‭ ‬العسكري‭ ‬والتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬الدفاع‭ ‬المشترك‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توقيعها‭ ‬في‭ ‬1950م‭ ‬والتي‭ ‬جاء‭ ‬توقيعها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬وصراعات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬مازالت‭ ‬ساخنة‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربية‭ ‬ويروح‭ ‬ضحيتها‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬بجانب‭ ‬ضياع‭ ‬الثروات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لأمتنا‭ ‬العربية‭ ‬وزيادة‭ ‬تسلط‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬مقدراتنا‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تلك‭ ‬الاتفاقية‭ ‬سندًا‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬وإحدى‭ ‬آليات‭ ‬الدفاع‭ ‬عنها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬بقت‭ ‬مشلولة‭ ‬منذ‭ ‬تسعة‭ ‬وستين‭ ‬عامًا‭.‬

حالات‭ ‬العدوان‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬أقطارنا‭ ‬العربية‭ ‬كثيرة‭ ‬ومنها‭ ‬احتلال‭ ‬فلسطين‭ ‬والجولان‭ ‬ولواء‭ ‬الإسكندرون‭ ‬والعدوان‭ ‬الإيراني‭ ‬والأميركي‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬وغزوه‭ ‬والأحداث‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وحرق‭ ‬الناقلات‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬واحتلال‭ ‬بعض‭ ‬جُزرهِ،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬للتدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العربية‭ ‬خليجيًا‭ ‬وعربيًا‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بأمن‭ ‬أقطار‭ ‬ومياه‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بل‭ ‬بأمن‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬وسلامة‭ ‬شعبها،‭ ‬ويتوجب‭ ‬الأمر‭ ‬إعادة‭ ‬اتفاقية‭ ‬الدفاع‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬وتجديد‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬لتكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الملمات‭ ‬التي‭ ‬آلمت‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬وأوجعت‭ ‬شعبها،‭ ‬ولأجل‭ ‬صد‭ ‬الممارسات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬ولتكون‭ ‬أداةً‭ ‬للنفس‭ ‬العربية‭ ‬وإثباتًا‭ ‬لقدرتها‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭.‬

وفيما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الأحداث‭ ‬آنيًا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬السكوت‭ ‬عنها‭ ‬علامة‭ ‬الرضا‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬كونها‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬العَظام‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬ووجودها‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضيها‭ ‬وشعبها،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬مواجهتها‭ ‬بحزم‭ ‬وقوة‭ ‬وصدق،‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬الوقوف‭ ‬معا‭ ‬صفا‭ ‬واحدا‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬لنا‭ ‬إلا‭ ‬الخسائر‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭.‬