ملالي إيران يحاصرون إدارة ترامب (2)

| سالم الكتبي

هناك‭ ‬سبب‭ ‬استراتيجي‭ ‬آخر‭ ‬للإعلان‭ ‬المتكرر‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬الحرب‭ ‬واستبعادها‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬ملالي‭ ‬إيران،‭ ‬وهو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬نظام‭ ‬عاقل‭ ‬يقول‭ ‬علناً‭ ‬إنه‭ ‬يسعى‭ ‬للحرب‭ ‬ويريدها‭ ‬خصوصاً‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬ترسانة‭ ‬عسكرية‭ ‬متطورة‭ ‬وقدرات‭ ‬هائلة‭ ‬على‭ ‬الردع‭ ‬وشل‭ ‬قدرة‭ ‬خصم‭ ‬عسكري‭ ‬بحجم‭ ‬إيران‭ ‬وترسانتها‭ ‬العسكرية‭ ‬المتهالكة‭ ‬ومزاعمها‭ ‬الفارغة‭ ‬عن‭ ‬قدرات‭ ‬وهمية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬المتطورة‭ ‬لحلفاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الذين‭ ‬تربطهم‭ ‬اتفاقات‭ ‬تعاون‭ ‬دفاعي‭ ‬سيتم‭ ‬تفعيلها‭ ‬حتماً‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬دخول‭ ‬أحد‭ ‬أطراف‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقات‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬عسكري‭.‬

ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬نفي‭ ‬السعي‭ ‬للحرب‭ ‬يجلب‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬حداً‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬التعاطف‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الرسمي‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الخلافات‭ ‬المحتدمة‭ ‬بين‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وإدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬سواء‭ ‬لأسباب‭ ‬تجارية‭ ‬واقتصادية‭ ‬مثل‭ ‬الصين،‭ ‬أو‭ ‬لأسباب‭ ‬استراتيجية‭ ‬وسياسية‭ ‬مثل‭ ‬روسيا‭. ‬ولكل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬عاقل‭ ‬ألا‭ ‬يقع‭ ‬بسهولة‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬عدم‭ ‬رغبة‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬إذ‭ ‬أكاد‭ ‬أجزم‭ ‬أنه‭ ‬بات‭ ‬أكثر‭ ‬توتراً‭ ‬عندما‭ ‬لاحظ‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تفادي‭ ‬الحرب‭ ‬بكل‭ ‬السبل،‭ ‬وقد‭ ‬لجأ‭ ‬الملالي‭ ‬إلى‭ ‬ارتكاب‭ ‬حماقات‭ ‬تحرج‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ولا‭ ‬تترك‭ ‬له‭ ‬مجالاً‭ ‬للإفلات‭ ‬من‭ ‬سيناريو‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬فيه‭ ‬أو‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬استحقاق‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬الملالي‭ ‬فرضها‭ ‬عليه‭ ‬فرضاً،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬مفراً‭ ‬ولا‭ ‬مهرباً‭ ‬من‭ ‬التخلي‭ ‬تدريجياً‭ ‬عن‭ ‬نبرة‭ ‬التهدئة‭ ‬السياسية،‭ ‬التي‭ ‬التزمها‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬سابقة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أنه‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هيبة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وكرامتها‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬الذي‭ ‬يحرص‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬“الصفقات”‭ ‬وعدم‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬عسكري‭ ‬جديد‭.‬

قناعتي‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬تعمد‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬تفجير‭ ‬ناقلتي‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬خليج‭ ‬عمان‭ ‬ليحرج‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬ويضعه‭ ‬أمام‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭ ‬كي‭ ‬يعجل‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬الزر‭ ‬ويأمر‭ ‬بضرب‭ ‬إيران،‭ ‬فإيران‭ ‬تنفي‭ ‬تورطها‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬“يكاد‭ ‬المريب‭ ‬يقول‭ ‬خذوني”،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬أي‭ ‬دليل،‭ ‬ولو‭ ‬ضعيف،‭ ‬يثبت‭ ‬كذب‭ ‬الاتهامات‭ ‬الأميركية‭ ‬بشأن‭ ‬تورطها‭ ‬في‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬ناقلتي‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬خليج‭ ‬عمان،‭ ‬والعالم‭ ‬الذي‭ ‬شاهد‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬واشنطن‭ ‬إنها‭ ‬تظهر‭ ‬القوات‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬قارب‭ ‬صغير‭ ‬تزيل‭ ‬لغمًا‭ ‬لم‭ ‬ينفجر‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬جسم‭ ‬إحدى‭ ‬السفن،‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬يثبت‭ ‬براءة‭ ‬الميلشيا‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاتهام‭ ‬الخطير،‭ ‬وهكذا‭ ‬تتحقق‭ ‬للملالي‭ ‬رغبتهم‭ ‬في‭ ‬نشوب‭ ‬صراع‭ ‬عسكري‭ ‬يمثل‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنظامهم‭ ‬طوق‭ ‬الإنقاذ‭ ‬الأخير‭ ‬للبقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬ولو‭ ‬لأشهر‭ ‬معدودات‭. ‬“إيلاف”‭.‬