ملالي إيران يحاصرون إدارة ترامب (1)

| سالم الكتبي

هناك‭ ‬قاعدة‭ ‬تقول‭ ‬“ابحث‭ ‬عن‭ ‬المستفيد”‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬جريمة‭ ‬تتوصل‭ ‬بسهولة‭ ‬إلى‭ ‬الجاني،‭ ‬والنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يدرك‭ ‬ذلك‭ ‬جيداً‭ ‬فكل‭ ‬الدول‭ ‬والأنظمة‭ ‬تسعى‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تورطها‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬كبرى‭ ‬تنذر‭ ‬بوقوع‭ ‬حرب‭ ‬شاملة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تصور‭ ‬للعالم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬طرفا‭ ‬غيرها‭ ‬يسعى‭ ‬لإشعال‭ ‬حرب‭ ‬لا‭ ‬تريدها‭! ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الإيرانية‭ ‬تحديداً‭ ‬هناك‭ ‬ترديد‭ ‬لمزاعم‭ ‬زائفة‭ ‬كثيرة،‭ ‬فأي‭ ‬تحليل‭ ‬موضوعي‭ ‬لبيئة‭ ‬الصراع‭ ‬والأزمة‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المستفيد‭ ‬الأساسي‭ ‬من‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬هو‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬الإيراني،‭ ‬الذي‭ ‬يدرك‭ ‬تماماً‭ ‬خطورة‭ ‬الانتظار‭ ‬حتى‭ ‬تؤتي‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأميركية‭ ‬مفعولها‭ ‬كاملاً‭.‬

نظام‭ ‬الملالي‭ ‬الإيراني‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬المدمرة‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬النظام‭ ‬وتآكله‭ ‬داخلياً‭ ‬وسقوطه‭ ‬بأيدي‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬بيد‭ ‬غيره،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فهو‭ ‬يعمل‭ ‬جاهداً‭ ‬على‭ ‬إثارة‭ ‬أكثر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬اللغط‭ ‬حول‭ ‬الأزمة‭ ‬ويدفع‭ ‬بقوة‭ ‬باتجاه‭ ‬إشعال‭ ‬صراع‭ ‬عسكري‭ ‬يراه‭ ‬السيناريو‭ ‬الأفضل‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأثر‭ ‬المؤكد‭ ‬للعقوبات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬حيث‭ ‬يبقى‭ ‬الأثر‭ ‬المحتمل‭ ‬لأية‭ ‬حرب‭ ‬متوقعة‭ ‬محتملاً،‭ ‬بينما‭ ‬يبدو‭ ‬أثر‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مؤكداً،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬النقطة‭ ‬الأساسية‭ ‬لفهم‭ ‬سيكولوجية‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭.‬

السيناريو‭ ‬الأفضل‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬إذا‭ ‬هو‭ ‬السعي‭ ‬لإشعال‭ ‬صراع‭ ‬عسكري،‭ ‬يحقق‭ ‬هدف‭ ‬تصدير‭ ‬الأزمة‭ ‬الداخلية‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬ويسمح‭ ‬له‭ ‬بادعاء‭ ‬المقاومة‭ ‬والوقوع‭ ‬فريسة‭ ‬مؤامرة‭ ‬خارجية‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شعارات‭ ‬مستهلكة‭ ‬يصدرها‭ ‬النظام‭ ‬لأتباعه‭ ‬ومؤيديه‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬وخارجها‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬للنظام‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬والرئيس‭ ‬روحاني‭ ‬تحدثا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬رغبتهما‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬يصدق‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬ينظر‭ ‬لسلوك‭ ‬النظام‭ ‬وممارساته‭ ‬وانتهاكاته‭ ‬المتواصلة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وسيادة‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬ومجمل‭ ‬المبادئ‭ ‬والأسس‭ ‬والقواعد‭ ‬التي‭ ‬نص‭ ‬عليها‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ثم‭ ‬يفكر‭ ‬قليلاً‭ ‬ويسأل‭ ‬نفسه‭ ‬بموضوعية‭: ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬سلوكيات‭ ‬نظام‭ ‬يسعى‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬ويرفض‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات؟‭!‬

الموضوعية‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يؤمن‭ ‬بمبدأ‭ ‬التقية‭ ‬السياسية‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬سياساته‭ ‬وتخطيطه‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬فكر‭ ‬آيديولوجي‭ ‬يؤمن‭ ‬به‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الثيوقراطي،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬لماذا‭ ‬يكرر‭ ‬رؤوس‭ ‬النظام‭ ‬تصريحاتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬برفض‭ ‬الحرب،‭ ‬ويصدقهم‭ ‬بعض‭ ‬المخدوعين‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬وخارجها‭!. ‬“إيلاف”‭.‬