ياسمينيات

لا تكن كأمهات الأمس

| ياسمين خلف

صُدم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬والأزواج‭ ‬والإخوة،‭ ‬عندما‭ ‬علموا‭ ‬خلال‭ ‬فيديو‭ ‬قصير‭ ‬عُرض‭ ‬عليهم‭ ‬لأيد‭ ‬منهكة،‭ ‬بأنها‭ ‬لقريباتهم،‭ ‬والذين‭ ‬ظنوا‭ ‬من‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬أنها‭ ‬إما‭ ‬لعاملة‭ ‬منزلية‭ ‬أو‭ ‬رجال‭ ‬كبار‭ ‬في‭ ‬السن،‭ ‬أو‭ ‬لعمال‭ ‬في‭ ‬مهن‭ ‬قاسية‭ ‬كالنجارة،‭ ‬والحدادة،‭ ‬والسباكة‭ ‬والفلاحة‭! ‬بل‭ ‬وجدها‭ ‬أحدهم‭ ‬أنها‭ ‬لرجل‭ ‬خاض‭ ‬حرباً‭ ‬وتعرض‭ ‬للتعذيب‭! ‬كانوا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ذهول‭ ‬وصدمة‭ ‬مؤلمة،‭ ‬جعلتهم‭ ‬يبكون،‭ ‬ويدركون‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬أراد‭ ‬هذا‭ ‬الاختبار‭ ‬أن‭ ‬يوصلها‭ ‬إليهم،‭ ‬فالمرأة‭ ‬بكل‭ ‬أدوارها‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬سواءً‭ ‬كانت‭ ‬أما‭ ‬أو‭ ‬زوجة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أختاً‭ ‬أو‭ ‬ابنة‭ ‬تقوم‭ ‬بجهود‭ ‬وأعمال‭ ‬بعضها‭ ‬قاسية،‭ ‬تشوه‭ ‬مظاهر‭ ‬الأنوثة‭ ‬عندها،‭ ‬فغسل‭ ‬الملابس‭ ‬والأواني،‭ ‬والتعرض‭ ‬للمنظفات‭ ‬والكيماويات‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬يترك‭ ‬أثره‭ ‬الدائم‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬طرية‭ ‬ناعمة،‭ ‬لا‭ ‬قاسية،‭ ‬وأكثر‭ ‬جفافاً‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الرجال‭! ‬

كل‭ ‬ذلك‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬المرأة‭ ‬بحب‭ ‬لأهل‭ ‬بيتها،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تتذمر،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تلتفت‭ ‬لنفسها‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتسلل‭ ‬الجفاف‭ ‬والتجاعيد‭ ‬إلى‭ ‬يديها،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬ناجم‭ ‬عن‭ ‬تربية‭ ‬شرقية‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬خُلقت‭ ‬للمطبخ‭ ‬وأعمال‭ ‬المنزل،‭ ‬وكأنه‭ ‬فرض‭ ‬أنزل‭ ‬في‭ ‬آيات‭ ‬القرآن،‭ ‬لا‭ ‬كونه‭ ‬موروثا‭ ‬ناجما‭ ‬عن‭ ‬تربية‭ ‬قوامها‭ ‬“السي‭ ‬سيد”‭ ‬وأن‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬أن‭ ‬تخدم‭ ‬الرجل،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬العيب‭ ‬أن‭ ‬يغسل‭ ‬الزوج‭ ‬أو‭ ‬يكنس‭ ‬أو‭ ‬يرتب‭ ‬منزله،‭ ‬وكأن‭ ‬ذلك‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬رجولته‭! ‬

على‭ ‬أمهات‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬يحرصن‭ ‬على‭ ‬تربية‭ ‬أطفالهن‭ ‬من‭ ‬الذكور‭ ‬والإناث‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أعمال‭ ‬المنزل،‭ ‬يعلمنهم‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬لا‭ ‬تستقيم‭ ‬على‭ ‬رجل‭ ‬واحدة،‭ ‬وأنا‭ ‬اليد‭ ‬الواحدة‭ ‬لا‭ ‬تصفق،‭ ‬وأن‭ ‬الحياة‭ ‬أجمل‭ ‬بالمشاركة،‭ ‬لا‭ ‬بالأنانية‭ ‬التي‭ ‬تُلقي‭ ‬المهام‭ ‬على‭ ‬طرف‭ ‬دون‭ ‬آخر،‭ ‬وأن‭ ‬الرحمة‭ ‬عمرها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬عيباً،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬ضير‭ ‬في‭ ‬طبخ‭ ‬أو‭ ‬كنس‭ ‬أو‭ ‬غسل‭ ‬فجميع‭ ‬ذلك‭ ‬ليعيشوا‭ ‬بسعادة‭ ‬أكبر،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتسلل‭ ‬لأحدهم‭ ‬الغبن‭ ‬أو‭ ‬يعيش‭ ‬أحدهم‭ ‬ليموت‭ ‬الآخر،‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬لأن‭ ‬نُذكر‭ ‬بأن‭ ‬أدوار‭ ‬المرأة‭ ‬اليوم‭ ‬مضاعفة‭ ‬عن‭ ‬الرجل،‭ ‬فهي‭ ‬تعمل‭ ‬داخل‭ ‬المنزل‭ ‬وخارجه،‭ ‬بل‭ ‬تتولى‭ ‬باختصار‭ ‬جميع‭ ‬أمور‭ ‬الأسرة،‭ ‬ومشاركة‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬أمور‭ ‬المنزل‭ ‬ليست‭ ‬عارا‭. ‬

 

ياسمينة‭:

‬لا‭ ‬تكررن‭ ‬غلطة‭ ‬أمهات‭ ‬الأمس‭.‬