ومضة قلم

دعم الأندية مسؤولية اجتماعية

| محمد المحفوظ

بضعة‭ ‬أندية‭ ‬تعد‭ ‬على‭ ‬أصابع‭ ‬اليد‭ ‬الواحدة‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬توجد‭ ‬لها‭ ‬مشاريع‭ ‬تجارية‭ ‬تدر‭ ‬عليها‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬أنشطتها‭ ‬وبرامجها،‭ ‬أما‭ ‬غالبية‭ ‬الأندية‭ ‬والمراكز‭ ‬الشبابية‭ ‬فإنها‭ ‬باتت‭ ‬تستجدي‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬لتسيير‭ ‬برامجها‭ ‬المجتمعية‭ ‬وأنشطتها‭ ‬الرياضية‭. ‬أزمة‭ ‬الأندية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬متوقفة‭ ‬على‭ ‬البعد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬فحسب،‭ ‬لكنها‭ ‬ذات‭ ‬بعد‭ ‬اجتماعي،‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬تشكو‭ ‬من‭ ‬عزوف‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬مجالس‭ ‬الإدارة،‭ ‬والقائمون‭ ‬على‭ ‬إداراتها‭ ‬يعزون‭ ‬الأسباب‭ ‬إلى‭ ‬قلة‭ ‬الدعم‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الكثيرين‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬الترشح‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬ولولا‭ ‬إصرار‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬لأصبحت‭ ‬مجالس‭ ‬الإدارة‭ ‬بلا‭ ‬أعضاء‭. ‬

ما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الدهشة‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تشكو‭ ‬فيه‭ ‬الأندية‭ ‬من‭ ‬الكفاءات‭ ‬فإننا‭ ‬نشهد‭ ‬بالمقابل‭ ‬أعدادا‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الطاقات‭ ‬الشبابية‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬بالعمل‭ ‬الاجتماعي‭! ‬كم‭ ‬هو‭ ‬محزن‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تصبح‭ ‬صالات‭ ‬الأندية‭ ‬وملاعبها‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬يجذب‭ ‬الشباب‭ ‬لممارسة‭ ‬الأنشطة‭ ‬والهوايات،‭ ‬ومما‭ ‬يضاعف‭ ‬الألم‭ ‬أنّهم‭ ‬وجدوا‭ ‬في‭ ‬المقاهي‭ ‬والأسواق‭ ‬البديل‭ ‬المفضل‭. ‬

يبدو‭ ‬أنه‭ ‬ولى‭ ‬ذلك‭ ‬الزمان‭ - ‬وربما‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬رجعة‭ - ‬الذي‭ ‬كنا‭ ‬نرى‭ ‬فيه‭ ‬الحشود‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬وهم‭ ‬يملأون‭ ‬صالات‭ ‬الأندية‭ ‬رغم‭ ‬أبنيتها‭ ‬المتواضعة‭ ‬وندرة‭ ‬الأجهزة‭ ‬الرياضية‭ ‬وكثرة‭ ‬أعداد‭ ‬المتنافسين‭ ‬على‭ ‬مقاعد‭ ‬مجالس‭ ‬الإدارة‭ ‬الذين‭ ‬يمتلئون‭ ‬حماسا‭ ‬ونشاطا‭ ‬وحيوية‭. ‬

أما‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬الأندية‭ ‬الرياضية‭ ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬العربية‭ ‬ودول‭ ‬العالم‭ ‬فإنّ‭ ‬النتيجة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬أنديتنا‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يبعث‭ ‬الأسى،‭ ‬فالفارق‭ ‬شاسع‭ ‬جدا‭. ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬تعد‭ ‬الأندية‭ ‬مكونا‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬مجتمعي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬الجسد‭ ‬والعقل‭ ‬وكرة‭ ‬القدم‭ ‬تعد‭ ‬عاملا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬التأهيل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وبناء‭ ‬القيم‭ ‬رغم‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬أنّ‭ (‬تقديس‭) ‬اللاعبين‭ ‬أفقد‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬اللعبة‭ ‬الأكثر‭ ‬شعبية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬طابعها‭ ‬الإنسانيّ‭ ‬وأدخلها‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ (‬الأرستقراطية‭)‬،‭ ‬وبقي‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬هنا‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬أنشطة‭ ‬رياضية‭ ‬ومجتمعية‭ ‬مهددة‭ ‬بالتوقف‭ ‬نظرا‭ ‬لتقليص‭ ‬الدعم‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنّ‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬سيجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬أمام‭ ‬شبح‭ ‬الفراغ‭.‬

المسؤولية‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬الشباب‭ ‬وحدها،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بتقديم‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم‭ ‬لأنّ‭ ‬هذا‭ ‬يعد‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬رسالتها‭.‬