فجر جديد

الرجل الذي لا تفوته “جنازة”

| إبراهيم النهام

قبل‭ ‬أيام‭ ‬معدودة،‭ ‬وأثناء‭ ‬حضوري‭ ‬دفان‭ ‬الفقيد‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالله‭ ‬الأسعدي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬بمقبرة‭ ‬الحنينية،‭ ‬بحضور‭ ‬جموع‭ ‬غفيرة،‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬اغتنام‭ ‬الأجر‭ ‬بالصلاة‭ ‬على‭ ‬الفقيد‭ ‬طيب‭ ‬المعشر،‭ ‬والترحم‭ ‬عليه،‭ ‬والسير‭ ‬في‭ ‬جنازته‭. ‬

يومها،‭ ‬لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬رجل‭ ‬خير،‭ ‬لم‭ ‬أحضر‭ ‬جنازة‭ ‬إلا‭ ‬ورأيته‭ ‬على‭ ‬رأسها،‭ ‬صباحًا‭ ‬كانت،‭ ‬أم‭ ‬ظهرًا،‭ ‬أم‭ ‬عصرًا،‭ ‬بدور‭ ‬المعين،‭ ‬والناصح،‭ ‬والعضيد‭ ‬لذوي‭ ‬الراحل‭. ‬

هذا‭ ‬الرجل‭ ‬الفاضل،‭ ‬والذي‭ ‬نحتسب‭ ‬له‭ ‬الأجر‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬عزّ‭ ‬وجلّ،‭ ‬يدعى‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالكريم‭ ‬السعيدي‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬سكنة‭ ‬مدينة‭ ‬حمد‭ ‬وليس‭ ‬الرفاع‭ ‬كما‭ ‬يظن‭ ‬الكثيرون،‭ ‬ببعد‭ ‬مسافة‭ ‬لم‭ ‬يمنعه‭ ‬للتسابق‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الخير،‭ ‬وفي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬أوائله‭.‬

ويحرص‭ ‬السعيدي‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ ‬طويلة،‭ ‬لحضور‭ ‬أغلب‭ ‬الجنازات‭ ‬بمقبرة‭ ‬الحنينية،‭ ‬مذكرًا‭ ‬الناس‭ ‬بالله،‭ ‬وبالسنة‭ ‬النبوية‭ ‬الصحيحة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الدفن،‭ ‬أو‭ ‬بالصلاة‭ ‬على‭ ‬الميت،‭ ‬ومناصحًا‭ ‬إياهم‭ ‬بعدم‭ ‬الاستعجال‭ ‬في‭ ‬السلام‭ ‬بالصلاة،‭ ‬وبالدعوة‭ ‬المتأنية‭ ‬للميت‭. ‬

وفي‭ ‬مواقف‭ ‬عديدة‭ ‬رأيته‭ ‬بنفسي،‭ ‬وكيف‭ ‬أنه‭ ‬يحاول‭ ‬طمأنة‭ ‬أهل‭ ‬الميت،‭ ‬وبأن‭ ‬يخفف‭ ‬عن‭ ‬مصابهم،‭ ‬حزنهم،‭ ‬وكربتهم،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مقابل‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬معنوي،‭ ‬وإنما‭ ‬ابتغاء‭ ‬الأجر‭ ‬من‭ ‬الله،‭ ‬ولا‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭. ‬

وفي‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬تحديدًا،‭ ‬صادف‭ ‬بأن‭ ‬كانت‭ ‬هنالك‭ ‬جنازة‭ ‬أخرى‭ ‬لامرأة‭ ‬رحمها‭ ‬الله،‭ ‬فكان‭ ‬السعيدي‭ ‬يتحرك‭ ‬بنشاط‭ ‬جم‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬جنازة‭ ‬المرحوم‭ (‬الأسعدي‭) ‬وهو‭ ‬يوجّه‭ ‬ذوي‭ ‬الميت،‭ ‬ويذكر،‭ ‬ويدعو،‭ ‬ويناصح‭ ‬كعادته،‭ ‬وسط‭ ‬احترام‭ ‬بالغ‭ ‬من‭ ‬الجميع‭. ‬

نكتب‭ ‬عنه‭ ‬اليوم،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬ينتظر‭ ‬منا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬غيرنا‭ ‬ذلك،‭ ‬عرفانًا‭ ‬له‭ ‬ولكل‭ ‬من‭ ‬يسعى‭ ‬لعمل‭ ‬الخير،‭ ‬ويناصح‭ ‬به،‭ ‬فالبحرين‭ ‬بحاجة‭ ‬لهذه‭ ‬الشاكلة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬الأخيار‭ ‬اليوم،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭. ‬وإلى‭ ‬فجر‭ ‬جديد‭.‬