من جديد

الكلاب الضالة

| د. سمر الأبيوكي

كالقمر‭ ‬كل‭ ‬له‭ ‬جانب‭ ‬مظلم،‭ ‬وهكذا‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬الاستخدامات‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬لوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬ساحة‭ ‬جيدة‭ ‬للمعارك‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬ونشر‭ ‬الإشاعات‭ ‬والنيل‭ ‬من‭ ‬شخوص‭ ‬بعينهم،‭ ‬بات‭ ‬الأمر‭ ‬مزريا‭ ‬فعلا‭ ‬ويحتاج‭ ‬وقفة‭ ‬للتأمل‭ ‬وإعادة‭ ‬الحسابات،‭ ‬ويذكرني‭ ‬ذلك‭ ‬بمشكلة‭ ‬الكلاب‭ ‬الضالة،‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬تتسلل‭ ‬في‭ ‬مجموعات‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬النسق‭ ‬حين‭ ‬تختبر‭ ‬فريستها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كلب‭ ‬واحد‭ ‬فإن‭ ‬راقت‭ ‬الفريسة‭ ‬للمفترس‭ ‬هجمت‭ ‬عليها‭ ‬بقية‭ ‬الكلاب‭ ‬الجائعة‭ ‬تنهش‭ ‬في‭ ‬لحمها‭ ‬دون‭ ‬هوادة،‭ ‬وهكذا‭ ‬هو‭ ‬المشهد‭ ‬في‭ ‬“السوشيل‭ ‬ميديا”‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تدقيق‭ ‬ولا‭ ‬اكتراث‭ ‬لصحة‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬نشرها،‭ ‬فقط‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الانتشار‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬لقمة‭ ‬من‭ ‬الفريسة‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ (‬لايك‭) ‬أو‭ ‬تعليق‭ ‬يشعرها‭ ‬بالشبع‭ ‬التام‭.‬

ما‭ ‬يزيد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬التفاعلية‭ ‬الصادمة‭ ‬لأشخاص‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنهم‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬تناقض‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬شخصهم‭ ‬فما‭ ‬يكتبونه‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الحر‭ ‬من‭ ‬تنمر‭ ‬وحقد‭ ‬وبغضاء‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يقدمونه‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬أقرب‭ ‬لامتهان‭ ‬شخصية‭ ‬مثالية،‭ ‬لكن‭ ‬الكلاب‭ ‬الضالة‭ ‬تفضحه‭ ‬حين‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬المصيدة‭ ‬ويصبح‭ ‬شريكا‭ ‬في‭ ‬الجريمة‭. ‬

لقد‭ ‬أصبح‭ ‬الوضع‭ ‬برمته‭ ‬مخيبا‭ ‬للآمال‭... ‬تنام‭ ‬شريفا‭ ‬لتستيقظ‭ ‬دون‭ ‬دراية‭ ‬منك‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬أنامل‭ ‬الحقد‭ ‬الدفين‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬ينفثون‭ ‬سمومهم‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الحر‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬مقومات‭ ‬الالتزام‭ ‬المهني‭ ‬أو‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬وبلا‭ ‬أسباب‭ ‬سوى‭ ‬أنك‭ ‬كنت‭ ‬ملتزما‭ ‬بخط‭ ‬سير‭ ‬مختلف‭ ‬جعلك‭ ‬عرضة‭ ‬للكلاب‭ ‬الضالة‭!‬

 

ومضة‭: ‬مباركون‭ ‬نحن‭ ‬بوجودنا‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يسري‭ ‬فيه‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬فمن‭ ‬يعمل‭ ‬مثقال‭ ‬ذرة‭ ‬شرا‭ ‬بالفعل‭ ‬سيراه،‭ ‬لكن‭ ‬حتى‭ ‬أكون‭ ‬أكثر‭ ‬إنصافا‭ ‬فمن‭ ‬أبرز‭ ‬إيجابيات‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭ ‬أنه‭ ‬كشف‭ ‬النوايا‭ ‬وعرى‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬النفوس‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬القلوب،‭ ‬لنستطيع‭ ‬بعدها‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬النقاط‭ ‬على‭ ‬الحروف‭ ‬ونراها‭ ‬واضحة‭ ‬رؤى‭ ‬العين‭ ‬فكل‭ ‬إناء‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬ينضح‭... ‬كما‭ ‬قيل‭ ‬ويقال‭ ‬دوما‭.‬