سوالف

هل العنف فلسفة وظاهرة من ظواهر السنين

| أسامة الماجد

لقد‭ ‬ازدادت‭ ‬مشاهد‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬المسلسلات‭ ‬العربية‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬والمؤلف‭ ‬العربي‭ ‬يجد‭ ‬العنف‭ ‬ظاهرة‭ ‬من‭ ‬ظواهر‭ ‬العصر‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تصويرها‭ ‬لمقاومتها،‭ ‬فقد‭ ‬عملت‭ ‬الحياة‭ ‬العصرية‭ ‬على‭ ‬كبت‭ ‬التلقائية‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الناس،‭ ‬وضبط‭ ‬حواسهم‭ ‬وتقنين‭ ‬حياتهم،‭ ‬فلم‭ ‬يسع‭ ‬الفرد‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الضغوط‭ ‬سوى‭ ‬لأن‭ ‬ينفجر‭ ‬في‭ ‬مظاهر‭ ‬العنف‭ ‬بمختلف‭ ‬أشكاله،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬ثورة‭ ‬على‭ ‬أوضاع‭ ‬الحياة‭ ‬نفسها‭ ‬ليستقيم‭ ‬للناس‭ ‬سبيل‭ ‬الحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬الهادئة‭. ‬

يرى‭ ‬الكاتب‭ ‬الأميركي‭ ‬نورمان‭ ‬ميللر‭ ‬العنف‭ ‬أنه‭ ‬فلسفة،‭ ‬ظاهرة‭ ‬من‭ ‬ظواهر‭ ‬السنين‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬الآن،‭ ‬نشاط‭ ‬إيجابي‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬تعتمل‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬إنسان‭ ‬العصر،‭ ‬ويرى‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬نخاع‭ ‬الأمة‭ ‬إنما‭ ‬يكمن‭ ‬داخل‭ ‬فن‭ ‬الفنان،‭ ‬وأن‭ ‬الذي‭ ‬يميت‭ ‬الفنانين‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يخسر‭ ‬الصفقة‭ ‬ويعرض‭ ‬نفسه‭ ‬للخطر،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬مصير‭ ‬الأمة‭ ‬لا‭ ‬ينفصل‭ ‬أبدا‭ ‬عن‭ ‬مصير‭ ‬فنانينا،‭ ‬وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬والمؤلفين‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬العنف‭ ‬بلا‭ ‬مواربة،‭ ‬لا‭ ‬يدينونه،‭ ‬إنما‭ ‬يقولون‭ ‬لماذا‭ ‬ظهر‭.. ‬إنهم‭ ‬يبررونه،‭ ‬وعلى‭ ‬كل،‭ ‬فإن‭ ‬إنسان‭ ‬العصر‭ ‬يمارس‭ ‬العنف‭ ‬ويحيا‭ ‬وسط‭ ‬العنف،‭ ‬عنف‭ ‬فردي‭ ‬أو‭ ‬جماعي،‭ ‬أو‭ ‬عنف‭ ‬يشمل‭ ‬الكون‭ ‬برمته،‭ ‬والروائي‭ ‬الأميركي‭ ‬رالف‭ ‬أليسون‭ ‬صاحب‭ ‬الرواية‭ ‬الشهيرة‭ ‬“الرجل‭ ‬الخفي”‭ ‬يشرح‭ ‬ظاهرة‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬فيقول‭ ‬ما‭ ‬معناه‭ ‬أن‭ ‬العزلة‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬العزلة‭ ‬تفتح‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬العنف‭ ‬السيكولوجي،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬العنف‭ ‬السمة‭ ‬المخبوءة‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬والعنف‭ ‬وليد‭ ‬التوتر‭ ‬أيضا،‭ ‬وأنت‭ ‬لا‭ ‬تتوتر‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يتغير‭ ‬دوما،‭ ‬بلد‭ ‬تترك‭ ‬إحدى‭ ‬مدنه‭ ‬وأنت‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ماذا‭ ‬سيكون‭ ‬شكل‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬غدا،‭ ‬وأنت‭ ‬ككاتب،‭ ‬محتاج‭ ‬إلى‭ ‬التوتر‭ ‬والعنف‭ ‬في‭ ‬عملك‭ ‬حتى‭ ‬تشد‭ ‬القارئ‭ ‬إليك،‭ ‬حتى‭ ‬تشد‭ ‬القارئ‭ ‬المشغول‭ ‬عنك‭ ‬ببرامج‭ ‬التلفزيون،‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬يسميه‭ ‬أليسون‭ ‬العنف‭ ‬البلاغي،‭ ‬ويستطرد‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬الفنان‭ ‬الأميركي‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬عنف‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬ينفس‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬عمله‭.‬

ثمة‭ ‬تفسير‭ ‬آخر‭ ‬ودفاع‭ ‬للعنف‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب،‭ ‬حيث‭ ‬يرون‭ ‬أنه‭ ‬جاء‭ ‬نتيجة‭ ‬مباشرة‭ ‬للظواهر‭ ‬التالية،‭ ‬كبت‭ ‬النزعة‭ ‬التلقائي،‭ ‬عزلة‭ ‬الحواس‭ ‬وسط‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع،‭ ‬كذلك‭ ‬افتقر‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬الفرصة‭ ‬التي‭ ‬يعبر‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬عواطفه‭ ‬بطريقة‭ ‬مباشرة،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬بعضهم‭ ‬يتساءل،‭ ‬كيف‭ ‬تعايش‭ ‬العنف‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬بدورك‭ ‬عنيفا؟‭!.‬