360 درجة

احتياجات السوق وحرية الاختيار

| أيمن همام

مع‭ ‬احتفاء‭ ‬البحرين‭ ‬بمرور‭ ‬100‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬التعليم‭ ‬النظامي‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬يكتسب‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تطوير‭ ‬البرامج‭ ‬الأكاديمية‭ ‬وتحديث‭ ‬المناهج‭ ‬التربوية‭ ‬لتلبي‭ ‬متطلبات‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة،‭ ‬إذ‭ ‬يؤكد‭ ‬الخبراء‭ ‬ضرورة‭ ‬الارتقاء‭ ‬بمخرجات‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬لتواكب‭ ‬المتغيرات‭ ‬السريعة‭ ‬والمتلاحقة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬العمل‭ ‬كافة‭.‬

في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬أشرت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬المملكة‭ ‬يجلب‭ ‬تحديا‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬المنظور‭ ‬يتعلق‭ ‬بتوفير‭ ‬كوادر‭ ‬بحرينية‭ ‬مؤهلة‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬البرمجيات‭ ‬وتقنية‭ ‬المعلومات،‭ ‬حيث‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يزداد‭ ‬الطلب‭ ‬المحلي‭ ‬والعالمي‭ ‬على‭ ‬هذين‭ ‬التخصصين‭ ‬بعدما‭ ‬أصبح‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬ضرورة‭ ‬حتمية‭ ‬تفرضها‭ ‬متطلبات‭ ‬العصر‭.‬

الحديث‭ ‬عن‭ ‬ربط‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬باحتياجات‭ ‬السوق‭ ‬بدأ‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬الألفية‭ ‬الجديدة،‭ ‬حيث‭ ‬يرى‭ ‬كثيرون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الربط‭ ‬حلا‭ ‬ناجعا‭ ‬لتوظيف‭ ‬المواطنين‭ ‬وتقليص‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالكفاءات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬فيما‭ ‬يراه‭ ‬آخرون‭ ‬هدفا‭ ‬صعب‭ ‬المنال‭ ‬نظرا‭ ‬لتطور‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬بوتيرة‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬دورة‭ ‬التعليم‭.‬

قد‭ ‬يكون‭ ‬الهدف‭ ‬صعبا‭ ‬لكنه‭ ‬ليس‭ ‬مستحيلا‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تضامن‭ ‬الجميع‭ ‬وتعاون‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تذليل‭ ‬المعوقات‭ ‬والصعوبات‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬مواءمة‭ ‬بين‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬وسوق‭ ‬العمل‭.‬

وفيما‭ ‬تسعى‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬إستراتيجيات‭ ‬وسياسات‭ ‬للتعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬المهني‭ ‬مرتبطة‭ ‬باتجاهات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وتطورات‭ ‬التوظيف‭ ‬ونوعية‭ ‬المهن‭ ‬المطلوبة،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬ترك‭ ‬المجال‭ ‬مفتوحا‭ ‬أمام‭ ‬الطلاب‭ ‬لاختيار‭ ‬التخصصات‭ ‬التي‭ ‬يرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬فيها‭ ‬وعدم‭ ‬فرض‭ ‬تخصصات‭ ‬بعينها‭ ‬عليهم،‭ ‬فمنح‭ ‬الطالب‭ ‬حرية‭ ‬الاختيار‭ ‬بعد‭ ‬إعطائه‭ ‬النصح‭ ‬والتوجيه‭ ‬الواجبين‭ ‬قد‭ ‬يمنحنا‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬نابغة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تخصصه؛‭ ‬ليكون‭ ‬قدوة‭ ‬للشباب‭ ‬الطامح‭ ‬لبلوغ‭ ‬القمة‭ ‬بعزيمته‭ ‬وإصراره‭.‬