موقف إماراتي مهم بشأن الملف الإيراني (2)

| سالم الكتبي

في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬التي‭ ‬اعتدناها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬عام‭ ‬1979،‭ ‬بسبب‭ ‬ممارسات‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬وتعمده‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬أجواء‭ ‬التوتر‭ ‬والفوضى‭ ‬والاضطرابات‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬يبدو‭ ‬الموقف‭ ‬الخليجي‭ ‬والعربي‭ ‬مهماً‭ ‬للغاية‭.‬

إننا‭ ‬كعرب‭ ‬وخليجيين،‭ ‬نطالب‭ ‬بالضغط‭ ‬الدولي‭ ‬المكثف‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬كي‭ ‬تتصرف‭ ‬كدولة‭ ‬مسؤولة‭ ‬وبشكل‭ ‬طبيعي‭ ‬وفقاً‭ ‬لمقتضيات‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ومبادئ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المطالب‭ ‬ليست‭ ‬كافية،‭ ‬فالمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬قد‭ ‬يضغط‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬بالفعل،‭ ‬وقد‭ ‬يتم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬صفقة‭ ‬ما‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬وقعته‭ ‬مجموعة‭ ‬“5+1”‭ ‬برعاية‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬السابق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬مصالح‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬وأخذ‭ ‬مطالبها‭ ‬في‭ ‬الاعتبار،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الضغوط‭ ‬ومخرجاتها‭ ‬لن‭ ‬تأتي‭ ‬كما‭ ‬نطمح‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬متوقع‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬مؤكداً،‭ ‬بحكم‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬الحاكمة‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬سقف‭ ‬مطالبه‭ ‬ومصالحه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مطالب‭ ‬ومصالح‭ ‬الآخرين‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬روابط‭ ‬وصيغ‭ ‬تحالف‭ ‬وشراكات‭ ‬استراتيجية‭ ‬قائمة‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬ومعظم‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬بالأزمة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬والتي‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬ستكون‭ ‬طرفاً‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬صفقة‭ ‬بشأن‭ ‬إيران،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬لكن‭ ‬الواقع‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬شريكا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حوار‭ ‬أو‭ ‬نقاش‭ ‬دولي‭ ‬حول‭ ‬تسوية‭ ‬الأزمة‭ ‬القائمة‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬باعتبار‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬شريكا‭ ‬أساسيا‭ ‬معنيا‭ ‬بالأزمة‭ ‬وطرفا‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭ ‬ولا‭ ‬وكيل‭ ‬في‭ ‬النقاش‭ ‬حول‭ ‬مطالبه‭ ‬ومصالحه‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

لهذا،‭ ‬أمر‭ ‬حسن‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬حين‭ ‬أكد‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬ضمن‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬مستقبلي‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬طرفاً‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬اتفاق،‭ ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬سموه‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬تصريحاته‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحافي‭ ‬المشترك‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬الألماني‭ ‬الذي‭ ‬زار‭ ‬أبوظبي‭ ‬مؤخراً،‭ ‬وأضاف‭ ‬سموه‭ ‬“يجب‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الملف‭ ‬النووي،‭ ‬وقف‭ ‬دعمها‭ ‬الإرهاب‭ ‬وبرامج‭ ‬الصواريخ‭ ‬البالستية”،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬بديهي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تراعيه‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬لأن‭ ‬الأزمة‭ ‬الراهنة‭ ‬اندلعت‭ ‬بسبب‭ ‬ثغرات‭ ‬وقصور‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬الموقع‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬والذي‭ ‬غابت‭ ‬عنه‭ ‬عناصر‭ ‬الشمولية‭ ‬والتكاملية‭ ‬في‭ ‬النقاش‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فقد‭ ‬خرج‭ ‬مبتوراً‭ ‬ومنح‭ ‬لإيران‭ ‬اليد‭ ‬الطولى‭ ‬في‭ ‬التوسع‭ ‬والتمدد‭ ‬استراتيجياً‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬

تصوري،‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الإماراتي‭ ‬الرسمي‭ ‬هذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بدعم‭ ‬خليجي‭ ‬وعربي‭ ‬عاجل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الأطراف‭ ‬الدولية‭ ‬تحسباً‭ ‬لبدء‭ ‬أي‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭. ‬“إيلاف”‭.‬