المواطنة والتنوع في العطاء المستمر

| أحمد خليفة الحمادي

لا‭ ‬يقتصر‭ ‬معنى‭ ‬المواطنة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬شركة‭ ‬أرامكو‭ ‬السعودية‭ ‬قسم‭ ‬المواطنة،‭ ‬على‭ ‬مبادرات‭ ‬فعل‭ ‬الخير،‭ ‬إنما‭ ‬يشمل‭ ‬التصرف‭ ‬بصورة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تسخير‭ ‬ما‭ ‬لدينا‭ ‬من‭ ‬طاقة‭ ‬وموارد‭ ‬هائلة‭ ‬وخبرات‭ ‬فريدة‭ ‬لإيجاد‭ ‬فرص‭ ‬تساعد‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحدثوا‭ ‬أثرا‭ ‬إيجابيا‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهم،‭ ‬وكانت‭ ‬مراحل‭ ‬تطور‭ ‬برنامج‭ ‬المواطنة‭ ‬والعطاء‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬والذي‭ ‬بدأ‭ ‬بحملات‭ ‬توزيع‭ ‬الحقيبة‭ ‬المدرسية،‭ ‬وتطورت‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬وأصبحت‭ ‬الحقيبة‭ ‬أداة‭ ‬تقنية‭ ‬عرفت‭ ‬بــ‭ ‬“هدية‭ ‬المعرفة”‭ ‬وبعدها‭ ‬جاءت‭ ‬حملة‭ ‬“أريد‭ ‬أن‭ ‬أسمع”،‭ ‬والتنوع‭ ‬في‭ ‬العطاء‭ ‬يعد‭ ‬فرصة‭ ‬رائعة‭ ‬تأخذ‭ ‬أبعادا‭ ‬إنسانية‭ ‬وذاتية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مشاركة‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬المواطنة‭ ‬تبدأ‭ ‬بالشعور‭ ‬بالآخرين‭ ‬ومعاناتهم‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬السواعد‭ ‬بحاجة‭ ‬إلينا‭ ‬الآن،‭ ‬ونحن‭ ‬قادرون‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬على‭ ‬مساعدتهم‭ ‬والوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانبهم،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬الخير‭ ‬ينعكس‭ ‬فورًا‭ ‬على‭ ‬صاحبه‭ ‬ويجده‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬اليومية،‭ ‬فعندما‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مجرد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬إسعاد‭ ‬ومساعدة‭ ‬الآخرين‭ ‬فإنك‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬اخترت‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬سعادتك‭ ‬قبل‭ ‬سعادتهم‭. ‬وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬لأصحاب‭ ‬ثروات‭ ‬نفاجأ‭ ‬بأنهم‭ ‬يتبرعون‭ ‬بمقدار‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬ثرواتهم،‭ ‬وعندما‭ ‬يُسألون‭ ‬عن‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬تكون‭ ‬إجابتهم‭ ‬أنهم‭ ‬سعداءُ‭ ‬بالقيام‭ ‬بهذا‭ ‬العمل‭ ‬ومشاركة‭ ‬مجتمعهم‭ ‬في‭ ‬ترك‭ ‬بصمة‭ ‬إنسانية‭ ‬حضارية‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الآخرين‭.‬

ونحن‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الإسلامية‭ ‬نعتز‭ ‬بقيمنا؛‭ ‬إذ‭ ‬يحثنا‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬بعضنا،‭ ‬وهذه‭ ‬تعتبر‭ ‬فرصة‭ ‬ثمينة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استثمارها‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬توظيفها،‭ ‬وتوضيح‭ ‬أهمية‭ ‬المبادرة‭ ‬إلى‭ ‬فعل‭ ‬الخير‭ ‬لأبنائنا‭ ‬وخصوصًا‭ ‬الصغار‭ ‬منهم؛‭ ‬حتى‭ ‬نغرس‭ ‬فيهم‭ ‬قيم‭ ‬حب‭ ‬الخير‭ ‬والعمل‭ ‬الصالح‭ ‬الطيب،‭ ‬فعند‭ ‬اكتساب‭ ‬المرء‭ ‬الخبرات‭ ‬والمهارات‭ ‬المختلفة‭ ‬للعطاء‭ ‬في‭ ‬مهنته‭ ‬سيشعر‭ ‬بالسعادة‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬ينقلها‭ ‬إلى‭ ‬أصدقائه‭ ‬وأسرته‭ ‬لإنجاز‭ ‬أعمالهم‭ ‬المطلوبة‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬جاء‭ ‬التنوع‭ ‬في‭ ‬العطاء‭ ‬كنظرة‭ ‬مستقبلية،‭ ‬فللمرة‭ ‬الأولى‭ ‬يستطيع‭ ‬الموظفون‭ ‬أن‭ ‬يختاروا‭ ‬المجال‭ ‬للتبرع‭ ‬لصالح‭ ‬ثلاثة‭ ‬صناديق‭ ‬عامة‭ ‬ومتنوعة،‭ ‬ويندرج‭ ‬تحت‭ ‬هذه‭ ‬الصناديق‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬الخاصة‭ ‬والفئات‭ ‬المستهدفة‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬وهي‭ ‬كالآتي‭: ‬الصندوق‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والصندوق‭ ‬الطبي،‭ ‬والصندوق‭ ‬التعليمي‭. ‬فالصندوق‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يشمل‭: ‬كفالة‭ ‬الأيتام‭ ‬ودعم‭ ‬الأرامل‭ ‬ودعم‭ ‬أسر‭ ‬السجناء‭. ‬والصندوق‭ ‬الطبي‭ ‬يشمل‭: ‬مساندة‭ ‬مرضى‭ ‬السرطان،‭ ‬وأجهزة‭ ‬قياس‭ ‬السكر‭ ‬وأجهزة‭ ‬غسيل‭ ‬الكلى‭. ‬أما‭ ‬الصندوق‭ ‬التعليمي‭ ‬فيشمل‭: ‬المواد‭ ‬التعليمية‭ ‬والبرامج‭ ‬الصيفية‭ ‬والبرامج‭ ‬التعليمية‭.‬

ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬النظرة‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬التنوع‭ ‬للعطاء‭ ‬تبدأ‭ ‬بغرز‭ ‬مفهوم‭ ‬المواطنة‭ ‬للجيل‭ ‬الجديد‭ ‬نحو‭ ‬العطاء‭ ‬وبذل‭ ‬الجهد‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بلا‭ ‬مقابل،‭ ‬حتى‭ ‬يشعر‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬مجتمعه،‭ ‬وأنه‭ ‬مرتبط‭ ‬به‭ ‬أكثر،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬سيؤثر‭ ‬في‭ ‬عطائه‭ ‬أيضا‭ ‬لعمله‭ ‬وحياته‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يبدأ‭ ‬بالإحساس‭ ‬بالمواطنة‭ ‬والتنوع‭ ‬في‭ ‬العطاء‭.‬