“مبادرة‭ ‬ولا‭ ‬أروع”

| زهير توفيقي

اطلعت‭ ‬كغيري‭ ‬من‭ ‬المشاهدين‭ ‬على‭ ‬خبر‭ ‬جدير‭ ‬بالاهتمام،‭ ‬حيث‭ ‬بثت‭ ‬إحدى‭ ‬محطات‭ ‬التلفاز‭ ‬الأميركية‭ ‬خبراً‭ ‬مفاده‭ ‬تغيير‭ ‬اسم‭ ‬مطار‭ ‬“لويسفيل”‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬كنتاكي‭ ‬الأميركية‭ ‬ليصبح‭ ‬اسمه‭ ‬الجديد‭ ‬مطار‭ ‬“محمد‭ ‬علي”‭ ‬الدولي‭ ‬تقديراً‭ ‬للملاكم‭ ‬العالمي‭ ‬الكبير‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬كلاي‭ ‬وما‭ ‬قدمه‭ ‬من‭ ‬إسهامات‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الرياضي‭ ‬بل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والإنساني‭ ‬أيضاً‭.‬

في‭ ‬رأيي‭ ‬انه‭ ‬قرار‭ ‬يستحق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإعجاب‭ ‬والاحترام‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لكون‭ ‬الراحل‭ ‬قد‭ ‬اعتنق‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي،‭ ‬ولكن‭ ‬لجهوده‭ ‬التي‭ ‬بذلها‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬للترغيب‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شخصيته‭ ‬الفذّة‭ ‬والتزامه‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬الدين‭ ‬وقيم‭ ‬التسامح‭ ‬والوسطية‭ ‬ممّا‭ ‬فرض‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬احترامه‭ ‬واحترام‭ ‬ديانته‭.‬

ومع‭ ‬إشادتي‭ ‬بهذا‭ ‬القرار‭ ‬الجريء‭ ‬والمقدّر‭ ‬من‭ ‬الجميع،‭ ‬أرى‭ ‬أنه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬الثناء‭ ‬للمسؤولين‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬والذين‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مضي‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬رحيل‭ ‬الرياضي‭ ‬العالمي،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬قاموا‭ ‬باتخاذ‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الجدير‭ ‬بالإشادة‭ ‬والثناء‭ ‬والتقدير،‭ ‬فهم‭ ‬لم‭ ‬يترددوا‭ ‬لوهلة‭ ‬واحدة‭ ‬ولم‭ ‬يضعوا‭ ‬العراقيل‭ ‬بسبب‭ ‬ديانته‭ ‬أو‭ ‬عرقه‭. ‬

والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬يمكننا‭ ‬نحن‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬المتفهمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬غضاضة‭ ‬في‭ ‬تخليد‭ ‬ذكرى‭ ‬العظام‭ ‬والمميزين‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬وشخصياته‭ ‬المعطاءة،‭ ‬ممن‭ ‬تركوا‭ ‬بصمات‭ ‬كبيرة‭ ‬وأدوارا‭ ‬جليلة‭ ‬وإسهامات‭ ‬خالدة،‭ ‬والمبادرة‭ ‬بوضع‭ ‬أسمائهم‭ ‬على‭ ‬أيّ‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬الحكومة،‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬وجسور‭ ‬ومطارات‭ ‬وجامعات‭ ‬ومكتبات‭ ‬ومتاحف‭ ‬ومستشفيات‭ ‬والقائمة‭ ‬تطول‭.‬

نعم‭ ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أنكر‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬المبادرات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬إلا‭ ‬انها‭ ‬تبقى‭ ‬خطوات‭ ‬متواضعة‭ ‬جداً‭ ‬وليست‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الطموحات،‭ ‬إننا‭ ‬بأمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬الراقية،‭ ‬نحتاج‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬جهة‭ ‬خاصة‭ ‬ومختصة‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬وتترجم‭ ‬تطلعات‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬أبناء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬المخلصين‭ ‬نظير‭ ‬خدماتهم‭ ‬الجليلة،‭ ‬لترى‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬كيف‭ ‬يتم‭ ‬تقدير‭ ‬أصحاب‭ ‬العطاءات‭ ‬الكبيرة‭ ‬الذين‭ ‬بنوا‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬وبذلوا‭ ‬الغالي‭ ‬والنفيس‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬رفعته‭ ‬ونهضته‭.‬

في‭ ‬اعتقادي‭ ‬الشخصي،‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تفعيل‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬الذي‭ ‬يحتاج‭ ‬منّا‭ ‬إلى‭ ‬اهتمام‭ ‬خاص،‭ ‬بشكل‭ ‬بعيد‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬أيّة‭ ‬اعتبارات‭ ‬أخرى،‭ ‬دعونا‭ ‬ننظر‭ ‬فقط‭ ‬بعين‭ ‬التقدير‭ ‬والاحترام‭ ‬إلى‭ ‬أعمال‭ ‬ودور‭ ‬من‭ ‬عملوا‭ ‬وقدموا‭ ‬الخدمات‭ ‬الكبيرة‭ ‬للوطن،‭ ‬علماً‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التقدير‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬تقديراً‭ ‬معنوياً‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدلالات‭ ‬ويمثل‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬تقديراً‭ ‬للشخص‭ ‬كي‭ ‬يبقى‭ ‬اسمه‭ ‬خالداً‭ ‬على‭ ‬الدوام‭. ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬