موقف إماراتي مهم بشأن الملف الإيراني (1)

| سالم الكتبي

ليست‭ ‬لدي‭ ‬شكوك‭ ‬كبيرة‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬انعقاد‭ ‬حوار‭ ‬بين‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬الإيراني‭ ‬وإدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬رغم‭ ‬الزوبعة‭ ‬التي‭ ‬يثيرها‭ ‬الملالي‭ ‬برفضهم‭ ‬المتكرر‭ ‬أي‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ورغم‭ ‬الشعارات‭ ‬الجوفاء‭ ‬التي‭ ‬يرفعها‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬ومن‭ ‬يلاحظ‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬لعبة‭ ‬تبادل‭ ‬أدوار‭ ‬يجيدها‭ ‬بحرفية‭ ‬شديدة‭ ‬الملالي،‭ ‬تمارس‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فنجد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬حوار‭ ‬مشروط‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬السياسيين‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الرئيس‭ ‬روحاني،‭ ‬ثم‭ ‬نجد‭ ‬الرفض‭ ‬والتعنت‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬قادة‭ ‬التيار‭ ‬الذي‭ ‬يوصف‭ ‬بالمتشدد‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬الإيرانية‭ ‬وقيادات‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني،‭ ‬الأكثر‭ ‬تضرراً‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية،‭ ‬ولاسيما‭ ‬تلك‭ ‬الخاصة‭ ‬بقطاع‭ ‬البتروكيماويات‭ ‬وشركاته‭ ‬التابعة‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري‭.‬

هذه‭ ‬اللعبة‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬تخدع‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬فيبادرون‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬خلافات‭ ‬داخل‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬حول‭ ‬أسلوب‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الضغوط‭ ‬الأميركية،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يحسن‭ ‬فهم‭ ‬ديناميات‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬يدرك‭ ‬تماماً‭ ‬أنها‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭ ‬تتمركز‭ ‬بيد‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬علي‭ ‬خامنئي،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬يوزع‭ ‬الأدوار‭ ‬ويكلف‭ ‬الشخصيات‭ ‬بها،‭ ‬في‭ ‬مراوحة‭ ‬بين‭ ‬التهدئة‭ ‬والتصعيد،‭ ‬وهذه‭ ‬اللعبة‭ ‬تهدف‭ ‬بالأساس‭ ‬لرفع‭ ‬سقف‭ ‬المطالب‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬ينقلها‭ ‬المبعوثون‭ ‬الدوليون‭ ‬الذين‭ ‬يتوافدون‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬على‭ ‬طهران،‭ ‬وآخرهم‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الألماني،‭ ‬هايكو‭ ‬ماس،‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬بزيارة‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬أتبعها‭ ‬بزيارة‭ ‬لإيران،‭ ‬ويتوقع‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الياباني‭ ‬شينزو‭ ‬آبي‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بزيارة‭ ‬لإيران‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتخفيف‭ ‬حدة‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬والقيام‭ ‬بدور‭ ‬وساطة‭ ‬يتوقع‭ ‬الكثيرون‭ ‬أن‭ ‬تسفر‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬علاقات‭ ‬الوسيط‭ ‬المتميزة‭ ‬بطرفي‭ ‬الأزمة‭.‬

اعتقادي‭ ‬الشخصي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تطورا‭ ‬ما‭ ‬سيحدث‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬الأزمة‭ ‬الإيرانية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة،‭ ‬وهناك‭ ‬شواهد‭ ‬عدة‭ ‬لذلك‭ ‬أولها‭ ‬دخول‭ ‬أطراف‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬عدة‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬الوساطة‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة،‭ ‬فإقليمياً‭ ‬هناك‭ ‬العراق،‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬مصلحة‭ ‬مؤكدة‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬حدة‭ ‬التوترات‭ ‬وتفادي‭ ‬حدوث‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬وسيطاً‭ ‬تقليدياً،‭ ‬أو‭ ‬لاعبا‭ ‬سياسيا‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬خطف‭ ‬الأضواء‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬بعض‭ ‬المغامرين‭ ‬الإقليميين‭ ‬مثل‭ ‬قطر‭ ‬وغيرها،‭ ‬فالعراق‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬ملف‭ ‬الوساطة‭ ‬بأقصى‭ ‬جدية‭ ‬ممكنة،‭ ‬والأرجح‭ ‬أن‭ ‬القادة‭ ‬العراقيين‭ ‬بذلوا‭ ‬جهداً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬وتبادل‭ ‬الرسائل‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬الأزمة‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬بالتهدئة‭ ‬مثل‭ ‬اليابان‭ ‬وألمانيا‭ ‬وغيرهما‭.‬

لكن‭ ‬الأرجح‭ ‬أن‭ ‬وساطة‭ ‬العراق‭ ‬لها‭ ‬سقف‭ ‬ربما‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬حد‭ ‬نقل‭ ‬الرسائل‭ ‬واستكشاف‭ ‬النوايا،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتواصل‭ ‬بعدها‭ ‬أدوار‭ ‬وساطة‭ ‬لأطراف‭ ‬دولية‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬اليابان،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يغامر‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الياباني‭ ‬بالقيام‭ ‬بزيارة‭ ‬استثنائية‭ ‬لإيران‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الإمساك‭ ‬ببعض‭ ‬الدلائل‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬النجاح‭ ‬ولو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنهاء‭ ‬احتمالية‭ ‬نشوب‭ ‬صراع‭ ‬عسكري‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬الأزمة‭. ‬“إيلاف”‭.‬