ومضة قلم

المتنمرون

| محمد المحفوظ

التوحش‭ ‬أو‭ ‬التنمر‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬تحديدا‭ ‬بلغ‭ ‬حدا‭ ‬فاق‭ ‬التصور‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬عدم‭ ‬السكوت‭ ‬عنه‭ ‬أو‭ ‬اعتباره‭ ‬من‭ ‬الحوادث‭ ‬الاعتيادية،‭ ‬فأن‭ ‬ينهال‭ ‬طالبٌ‭ ‬متنمر‭ ‬على‭ ‬زميله‭ ‬بالضرب‭ ‬المبرح‭ ‬باستخدام‭ ‬الأيدي‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬تحت‭ ‬بصره‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬كالكراسي‭ ‬الخشبية‭ - ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬اتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬المنتشرة‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬–‭ ‬نقول‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬العدواني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمت‭ ‬للطبيعة‭ ‬البشرية‭ ‬بأدنى‭ ‬صلة‭ ‬كان‭ ‬يفترض‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬المدرسية‭ ‬التدخل‭ ‬بأقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬لمنعه‭ ‬أو‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬الأضرار‭ ‬الناجمة‭ ‬عنه،‭ ‬لكن‭ ‬المستغرب‭ ‬والمستهجن‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬أنّ‭ ‬الطالب‭ ‬المتنمّر‭ ‬كان‭ ‬يمارس‭ ‬عدوانيته‭ ‬وسط‭ ‬قهقهات‭ ‬زملائه‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يراقبون‭ ‬المشهد‭ ‬الدموي‭ ‬وكأنهم‭ ‬يتفرجون‭ ‬على‭ ‬مسرحية‭ ‬فكاهية‭. ‬

طبقا‭ ‬لما‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬فإنّ‭ ‬أحد‭ ‬الطلبة‭ ‬تعرض‭ ‬إلى‭ ‬إصابات‭ ‬بإحدى‭ ‬المدارس‭ ‬الثانوية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬أعمارهم‭ ‬17‭ ‬عاما،‭ ‬وتمت‭ ‬إحالة‭ ‬أربعة‭ ‬منهم‭ ‬للمحاكمة‭ ‬وتم‭ ‬إخلاء‭ ‬سبيلهم‭ ‬بضمان‭ ‬مالي‭ ‬قدره‭ ‬مئة‭ ‬دينار‭ ‬لكل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭... ‬الاعتداء‭ ‬تسبب‭ ‬بإصابة‭ ‬في‭ ‬شبكية‭ ‬العين‭ ‬وحدوث‭ ‬عاهة‭ ‬مستديمة‭.‬

وسواء‭ ‬كان‭ ‬“التنمّر”‭ ‬ظاهرة‭ ‬كما‭ ‬يشيع‭ ‬الكثيرون‭ ‬نظرا‭ ‬لتعرض‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬للاعتداء‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬يصنف‭ ‬كحالات‭ ‬فردية‭ ‬فإنّ‭ ‬الموضوعية‭ ‬تقتضي‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬الرادعة‭ ‬بحق‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬العابثين‭ ‬بالقيم‭ ‬والأنظمة،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬العقوبات‭ ‬أو‭ ‬اللوائح‭ ‬المقررة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬لردع‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الجزاءات‭ ‬لتكون‭ ‬أشد‭ ‬صرامة‭ ‬لكي‭ ‬يشعر‭ ‬جميع‭ ‬الطلاب‭ ‬بأنهم‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬آمنة‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬الأمن‭ ‬وبالتالي‭ ‬تتوفر‭ ‬لديهم‭ ‬القابلية‭ ‬للتعلم‭. ‬

أما‭ ‬إذا‭ ‬انعدم‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬المدرسية‭ ‬وتحولت‭ ‬مدارسنا‭ ‬إلى‭ ‬ساحات‭ ‬للمتنمرين‭ ‬وذوي‭ ‬النزعات‭ ‬العدوانية‭ ‬فإننا‭ ‬نحكم‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬برمتها‭ ‬بالفشل‭.‬

بقيت‭ ‬ملاحظة‭ ‬يجب‭ ‬أخذها‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬حول‭ ‬الحادثة‭ ‬المشار‭ ‬إليها،‭ ‬فإنّ‭ ‬المشاهد‭ ‬أن‭ ‬الطلبة‭ ‬داخل‭ ‬صالة‭ ‬رياضية‭ ‬وهناك‭ ‬غياب‭ ‬تام‭ ‬لأي‭ ‬عضو‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬الهيئة‭ ‬التعليمية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬المتنمرين‭ ‬يتمادون‭ ‬في‭ ‬عدوانيتهم‭ ‬وبطشهم‭!.‬