ياسمينيات

فتاة سترة المنتحرة

| ياسمين خلف

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬الفتيات‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬في‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬لإنهاء‭ ‬مستلزماتهن‭ ‬الشخصية‭ ‬استعداداً‭ ‬للعيد،‭ ‬كانت‭ ‬فتاة‭ ‬سترة‭ ‬تعد‭ ‬مستلزمات‭ ‬انتحارها‭ ‬شنقاً‭ ‬في‭ ‬منزلها‭ ‬بسترة،‭ ‬ليصحو‭ ‬الناس‭ ‬قبيل‭ ‬العيد‭ ‬بأيام‭ ‬معدودات‭ ‬على‭ ‬فاجعة‭ ‬مازالت‭ ‬تهز‭ ‬مشاعر‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬سمع‭ ‬قصتها‭.‬

رحمها‭ ‬الله،‭ ‬رغم‭ ‬سنوات‭ ‬عمرها‭ ‬القصيرة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬22‭ ‬عاماً،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬عانت‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬حياتها،‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬حلاً‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬حداً‭ ‬لتلك‭ ‬الحياة،‭ ‬لن‭ ‬نخوض‭ ‬في‭ ‬حرمة‭ ‬الحل‭ ‬الذي‭ ‬لجأت‭ ‬إليه‭ ‬فالأمر‭ ‬مفروغ‭ ‬منه،‭ ‬لكن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬أكثر‭ ‬رحمة‭ ‬بها‭ ‬عندما‭ ‬نخوض‭ ‬في‭ ‬أمرها،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬طرقت‭ ‬جميع‭ ‬الأبواب‭ ‬الممكنة،‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬غير‭ ‬الصدود،‭ ‬لا‭ ‬أبرر‭ ‬فعلتها،‭ ‬ولكنها‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬توسمت‭ ‬فيها‭ ‬إنصافها‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬غير‭ ‬المماطلة‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يطول‭ ‬عذابها،‭ ‬واستنزفت‭ ‬تحملها،‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬يأس‭ ‬دفعها‭ ‬إلى‭ ‬استرخاص‭ ‬روحها‭. ‬

أية‭ ‬كرامة‭ ‬لأي‭ ‬إنسان‭ ‬أن‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬يقولها‭ ‬له‭ ‬بصراحة‭ ‬“لا‭ ‬أقوى‭ ‬على‭ ‬العيش‭ ‬معك”،‭ ‬“أكره‭ ‬البقاء‭ ‬معك”،‭ ‬“حياتي‭ ‬لا‭ ‬أجدها‭ ‬سعيدة‭ ‬معك”‭ ‬وأي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬يقولها‭ ‬أحد‭ ‬الزوجين‭ ‬للآخر،‭ ‬كيف‭ ‬تقبل‭ ‬على‭ ‬نفسك،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقبلها‭ ‬للطرف‭ ‬الآخر‭ ‬أن‭ ‬تضيع‭ ‬سنوات‭ ‬عمرك‭ ‬مع‭ ‬إنسان‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬فيك‭ ‬غير‭ ‬التعاسة‭ ‬بعينها؟‭ ‬فلماذا‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬التطليق؟‭ ‬والأهل،‭ ‬كيف‭ ‬ترغمون‭ ‬أبناءكم‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬يذيقه‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬صنوف‭ ‬العذاب‭ ‬من‭ ‬ضرب،‭ ‬وشتم،‭ ‬وإهانات؟‭ ‬أهانت‭ ‬عليكم‭ ‬أنفسكم؟‭ ‬أليس‭ ‬أبناؤكم‭ ‬قطعة‭ ‬منكم؟‭ ‬نعم‭ ‬الطلاق‭ ‬ليس‭ ‬بالحدث‭ ‬السعيد‭ ‬في‭ ‬ظاهره،‭ ‬لكنه‭ ‬كذلك‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬مع‭ ‬إنسان‭ ‬لا‭ ‬يحترم‭ ‬إنسانية‭ ‬شريك‭ ‬حياته‭.‬

 

ياسمينة‭: ‬إمساك‭ ‬بمعروف‭ ‬أو‭ ‬تسريح‭ ‬بإحسان‭ ‬“البقرة‭ ‬229”‭.‬