ريشة في الهواء

تحفيز المال

| أحمد جمعة

مع‭ ‬وحش‭ ‬الأسعار‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬دون‭ ‬رحمة،‭ ‬نحتاج‭ ‬خطة‭ ‬ترويض‭ ‬على‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬الآن‭ ‬المجموعة‭ ‬الأوروبية‭ ‬والآسيوية‭ ‬بالتعامل‭ ‬مع‭ ‬مخرجات‭ ‬الأزمة‭ ‬الدولية،‭ ‬حيث‭ ‬تعتمد‭ ‬البلدان‭ ‬المذكورة‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬ضخ‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬استثمارية‭ ‬رغم‭ ‬الركود‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬زيادة‭ ‬الإنفاق‭ ‬المدروس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحفيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وهي‭ ‬خطوات‭ ‬توازي‭ ‬نفس‭ ‬المشروع‭ ‬الأميركي‭ ‬لتحفيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الذي‭ ‬اعتمده‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬ترامب‭ ‬للإفلات‭ ‬من‭ ‬نفق‭ ‬الركود‭ ‬ومعالجة‭ ‬مشكلة‭ ‬البطالة‭ ‬ولو‭ ‬بقدر‭ ‬تدريجي‭ ‬يعتمد‭ ‬تخفيض‭ ‬الضرائب‭ ‬وتحفيز‭ ‬الإنفاق‭ ‬وتشجيع‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬الشراء‭ ‬مقابل‭ ‬استمرار‭ ‬الدولة‭ ‬بضخ‭ ‬الأموال‭ ‬دون‭ ‬خوف،‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬القديمة‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬ولو‭ ‬بأساليب‭ ‬مستحدثة‭ ‬عصرية‭ ‬تشكل‭ ‬علاجا‭ ‬لمسألة‭ ‬الركود‭ ‬خصوصا‭ ‬وقت‭ ‬الأزمات‭ ‬والتوترات‭ ‬السياسية‭ ‬كما‭ ‬حال‭ ‬المنطقة‭ ‬اليوم‭. ‬

إن‭ ‬ضخ‭ ‬اعتمادات‭ ‬مالية‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يحفز‭ ‬الفعاليات‭ ‬المالية‭ ‬ويعيد‭ ‬تنشيط‭ ‬الدورة‭ ‬الدموية‭ ‬بالسوق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفرد‭ ‬والعائلة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬ولو‭ ‬تم‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬علمي‭ ‬مدروس‭ ‬لأمكن‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الاسترخاء‭ ‬والتأرجح‭ ‬والإخفاقات‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬تشجيع‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬وتحفيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭ ‬بالانفتاح‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬أكثر‭ ‬وتشجيع‭ ‬السياحة‭ ‬بالاستثمار‭ ‬فيها‭ ‬باعتبار‭ ‬أنها‭ ‬تأتي‭ ‬بعد‭ ‬النفط‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مصدر‭ ‬للدخل‭ ‬لو‭ ‬أمكن‭ ‬استغلالها‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬دبي‭ ‬وسنغافورة‭ ‬وتايلند‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬فيها‭ ‬السياحة‭ ‬مصدرا‭ ‬أساسيا‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل،‭ ‬والبحرين‭ ‬كانت‭ ‬سباقة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتدخل‭ ‬الخطابات‭ ‬الرنانة‭ ‬التي‭ ‬تعزف‭ ‬على‭ ‬وتر‭ ‬الأخلاق‭ ‬والفضيلة‭ ‬وكأن‭ ‬مجتمع‭ ‬البحرين‭ ‬“كباريه”،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬بخير‭ ‬والدين‭ ‬بخير‭ ‬والأخلاق‭ ‬بخير‭ ‬والمساجد‭ ‬عامرة‭ ‬وعددها‭ ‬يفوق‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬ومناهج‭ ‬التعليم‭ ‬أصبحت‭ ‬تلبي‭ ‬رغبات‭ ‬كل‭ ‬التيارات‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬و”كله‭ ‬تمام‭ ‬التمام”،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬خطاب‭ ‬الفضيلة‭ ‬وإطلاق‭ ‬التصريحات‭ ‬والرغبات‭ ‬المتشددة‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬السير‭ ‬للوراء‭ ‬وترويع‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬تتطلع‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬باعتبارها‭ ‬بوابة‭ ‬الحرية‭ ‬للاستثمار‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬سنة‭ ‬حين‭ ‬بدأت‭ ‬البلاد‭ ‬تستقطب‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬وتتمتع‭ ‬بمزايا‭ ‬الدولة‭ ‬العصرية‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬حتى‭ ‬ميزانيات‭ ‬مكتوبة‭ ‬على‭ ‬الورق‭!‬

إن‭ ‬تحفيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭ ‬وتشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬وإغراء‭ ‬رجال‭ ‬المال‭ ‬والأعمال‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬بالأجواء‭ ‬الحذرة،‭ ‬خصوصا‭ ‬بهذا‭ ‬الوقت‭ ‬بالذات‭ ‬الذي‭ ‬تشهد‭ ‬فيه‭ ‬المنطقة‭ ‬غلياناً،‭ ‬فمن‭ ‬الحكمة‭ ‬والحنكة‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬مناخ‭ ‬منفتح‭ ‬وعقول‭ ‬منفتحة‭ ‬ونواب‭ ‬عقلانيين‭ ‬يدركون‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬قبل‭ ‬مصلحة‭ ‬الشعارات،‭ ‬إن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬التحفيز‭ ‬يصبح‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الآذان‭ ‬في‭ ‬مالطا‭! ‬إذا‭ ‬ظل‭ ‬الأفق‭ ‬ضيقا‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسير‭ ‬نحو‭ ‬الانفتاح‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يستخدم‭ ‬الدين‭ ‬والسياسة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتنمية‭.‬

تنويرة‭: ‬بدل‭ ‬مسارك‭ ‬إذا‭ ‬تعرقل‭.‬