ما وراء الحقيقة

الشعوبيون الجدد... الصفويون والخمينيون

| د. طارق آل شيخان الشمري

الخميني‭ ‬أراد‭ ‬من‭ ‬ثورته‭ ‬الشعوبية‭ ‬الطائفية‭ ‬بث‭ ‬الروح‭ ‬الفارسية‭ ‬بين‭ ‬جموع‭ ‬المؤيدين‭ ‬له،‭ ‬وإعادة‭ ‬أمجاد‭ ‬هوية‭ ‬الامبراطورية‭ ‬الفارسية‭ ‬البائدة‭ ‬التي‭ ‬أنهاها‭ ‬العرب‭ ‬المسلمون‭ ‬وقضوا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الهوية‭ ‬المجوسية‭ ‬الفارسية‭. ‬ولمن‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬التاريخ‭ ‬فإن‭ ‬الفرس‭ ‬انتهوا‭ ‬من‭ ‬الوجود،‭ ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬استعرب‭ ‬نتيجة‭ ‬السيطرة‭ ‬والفتح‭ ‬العربي‭ ‬لبلاد‭ ‬فارس‭ ‬وانتشار‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬وارتحال‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬وإعادة‭ ‬إعمارها‭ ‬وتعريبها‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الكتابة‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬المقبور‭ ‬إسماعيل‭ ‬الصفوي،‭ ‬وأراد‭ ‬أن‭ ‬يحمي‭ ‬مملكته‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬العثمانيين‭ ‬ذوي‭ ‬الأصول‭ ‬القوقازية‭ ‬الوثنية،‭ ‬والعرب‭ ‬المسلمين‭ ‬وإلغاء‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬لبلاد‭ ‬عربستان‭ ‬العظمى،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تضم‭ ‬أراضي‭ ‬إيران‭ ‬الحالية‭ ‬وأجزاء‭ ‬من‭ ‬تركيا‭ ‬وأفغانستان‭ ‬وأجزاء‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬بحر‭ ‬قزوين،‭ ‬وحقق‭ ‬ذلك‭ ‬بتقريب‭ ‬وجلب‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬المشردين‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬أصل‭ ‬أو‭ ‬هوية‭ ‬له‭ ‬والمجرمين‭ ‬وقطاع‭ ‬الطرق‭ ‬ومن‭ ‬المنبوذين‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الشعوب،‭ ‬وعمل‭ ‬على‭ ‬غرس‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مخالف‭ ‬للهوية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬سواء‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فغرس‭ ‬فيهم‭ ‬الروح‭ ‬والهوية‭ ‬الفارسية‭ ‬البائدة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬شريحة‭ ‬في‭ ‬مملكته‭ ‬تعتز‭ ‬بالهوية‭ ‬الفارسية‭ ‬البائدة،‭ ‬وتتفاخر‭ ‬بها‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬شرائح‭ ‬بلاد‭ ‬عربستان‭ ‬العظمي‭. ‬

وقام‭ ‬أيضا‭ ‬بمحاولات‭ ‬تستهدف‭ ‬إضعاف‭ ‬الروح‭ ‬والهوية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬لسكان‭ ‬عربستان‭ ‬العظمى،‭ ‬وقرب‭ ‬لديه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعيد‭ ‬إحياء‭ ‬كل‭ ‬مظاهر‭ ‬الروح‭ ‬والهوية‭ ‬الفارسية‭ ‬من‭ ‬احتفالات‭ ‬وأعياد‭ ‬وتواريخ‭ ‬وأعمال‭ ‬أدبية‭ ‬وفكرية‭.‬

ومارس‭ ‬هذا‭ ‬الصفوي‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التعسف‭ ‬والاضطهاد‭ ‬بحق‭ ‬سكان‭ ‬عربستان‭ ‬العظمى‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحكمها‭ ‬الدولة‭ ‬الصفوية‭ ‬تحت‭ ‬قيادته،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬مماثل‭ ‬جدا‭ ‬لما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬محاكم‭ ‬التفتيش‭ ‬المسيحية‭ ‬بإسبانيا‭ ‬ضد‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين‭ ‬والمواطنين‭ ‬المسلمين‭ ‬الإسبان‭.‬

وعندما‭ ‬وصل‭ ‬الخميني‭ ‬للحكم،‭ ‬بدأ‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬بإعادة‭ ‬نفس‭ ‬سيناريو‭ ‬إسماعيل‭ ‬الصفوي‭ ‬بل‭ ‬بأسلوب‭ ‬أكثر‭ ‬قذارة‭ ‬ونتانة،‭ ‬فلم‭ ‬يكتفي‭ ‬بتضمين‭ ‬فقرة‭ ‬بالدستور‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬شعوبية‭ ‬وفارسية‭ ‬وهوية‭ ‬الثورة‭ ‬الطائفية‭ ‬العرقية،‭ ‬بل‭ ‬عمد‭ ‬إلى‭ ‬التبشير‭ ‬بمذهب‭ ‬جديد‭ ‬وهو‭ ‬المذهب‭ ‬الخميني‭ ‬الشعوبي،‭ ‬لمنافسة‭ ‬ومحاولة‭ ‬ضرب‭ ‬المذهب‭ ‬الشيعي‭ ‬والسني‭ ‬حتى‭ ‬يحمي‭ ‬هويته‭ ‬الفارسية‭ ‬بهذا‭ ‬المذهب‭ ‬الشعوبي،‭ ‬كون‭ ‬الشيعة‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬الوطنيين‭ ‬الرافضين‭ ‬للانسلاخ‭ ‬من‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭.‬

كما‭ ‬عمد‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬ضرب‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬للعرب،‭ ‬عبر‭ ‬مبدأ‭ ‬نصرة‭ ‬المستضعفين،‭ ‬والذي‭ ‬مكنه‭ ‬بمساعدة‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬أربع‭ ‬عواصم‭ ‬عربية‭ ‬تفاخر‭ ‬فيها‭ ‬مرارا،‭ ‬حتى‭ ‬يحاصر‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬وثقافتها،‭ ‬ويبدأ‭ ‬بنشر‭ ‬هويته‭ ‬الفارسية‭ ‬الشعوبية‭. ‬وللحديث‭ ‬بقية‭.‬