ستة على ستة

القوة الأميركية إلى ازدياد أم تراجع؟

| عطا السيد الشعراوي

كثير‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬التفوق‭ ‬الأميركي‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العالمية‭ ‬والتحكم‭ ‬بالقرار‭ ‬الدولي‭ ‬قد‭ ‬يستمر‭ ‬لفترة‭ ‬قصيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتضح‭ ‬معالم‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب،‭ ‬مستندين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬بزوغ‭ ‬نجم‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬وروسيا،‭ ‬وتعاظم‭ ‬تاثيرها‭ ‬الدولي‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬وجهة‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬صحيفة‭ ‬الشروق‭ ‬المصرية‭ ‬نشرت‭ ‬مؤخرا‭ ‬عرضًا‭ ‬لكتاب‭ ‬“بلا‭ ‬منازع،‭ ‬لماذا‭ ‬ستبقى‭ ‬أميركا‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬العالم”‭ ‬لمؤلفه‭ ‬مايكل‭ ‬بيكلي،‭ ‬أستاذ‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬تافتس‭ ‬الأميركية،‭ ‬والذي‭ ‬يؤكد‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬الأميركية‭ ‬لن‭ ‬تتراجع‭ ‬بل‭ ‬ستواصل‭ ‬تفوقها‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬القوى‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬الحالي‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬نظرًا‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬تمتلك‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬التي‭ ‬بحوزة‭ ‬الدولة‭ ‬الأميركية‭.‬

من‭ ‬الجوانب‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يثيرها‭ ‬الكتاب‭ ‬بيكلي‭ ‬والمعينة‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬التفوق‭ ‬والقوة،‭ ‬تأكيده‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعمدة‭ ‬لهذه‭ ‬القوة‭ ‬هي‭ ‬القدرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬الأخرى،‭ ‬موضحًا‭ ‬أن‭ ‬أميركا‭ ‬التي‭ ‬يمثل‭ ‬تعداد‭ ‬سكانها‭ ‬5‭ % ‬فقط‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬تستحوذ‭ ‬على‭ ‬25‭ % ‬من‭ ‬ثرواته‭ ‬و35‭ % ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬التحديث‭ ‬والتطوير‭ ‬عالميا،‭ ‬وتنفق‭ ‬40‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الإنفاق‭ ‬الدفاعي‭ ‬العالمي،‭ ‬وبها‭ ‬50‭ ‬جامعة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أفضل‭ ‬100‭ ‬جامعة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬والوحيدة‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬خوض‭ ‬غمار‭ ‬حروب‭ ‬ضخمة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬حدودها،‭ ‬وتوجيه‭ ‬ضربات‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭ ‬خلال‭ ‬ساعة‭ ‬زمنية‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬نحو‭ ‬42‭ ‬دولة‭.‬

قد‭ ‬يشكل‭ ‬رأي‭ ‬بيكلي‭ ‬صدمة‭ ‬لمن‭ ‬يتمنون‭ ‬زوال‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تراجع‭ ‬هذا‭ ‬التفوق‭ ‬وهذه‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأميركية‭ ‬أملاً‭ ‬في‭ ‬تصحيح‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬وضبط‭ ‬الموازين‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مختلة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬والأقاليم‭ ‬بفعل‭ ‬السياسات‭ ‬والقرارات‭ ‬الأميركية‭.‬

لكن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬الأخذ‭ ‬بالمفهوم‭ ‬الشامل‭ ‬للقوة‭ ‬بأبعادها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والثقافية‭ ‬والتقنية،‭ ‬لأن‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬والتفوق‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬إغفال‭ ‬الجوانب‭ ‬الأخرى‭ ‬لن‭ ‬يشكل‭ ‬تحديًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬أو‭ ‬تحجيمًا‭ ‬فعليًا‭ ‬للتفوق‭ ‬الأميركي‭ ‬الراهن‭.‬

مايكل‭ ‬بيكلي‭: ‬القوة‭ ‬الأميركية‭ ‬لن‭ ‬تتراجع‭ ‬بل‭ ‬ستواصل‭ ‬تفوقها‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬القوى‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬الحالي‭ ‬على‭ ‬الأقل