سوالف

هل يعي كل فنان حقيقة عبارة “الفن رسالة”؟

| أسامة الماجد

اتفق‭ ‬الفنانون‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬عبارة‭ ‬“الفن‭ ‬رسالة”،‭ ‬ويستحيل‭ ‬أن‭ ‬تقرأ‭ ‬لقاء‭ ‬صحافيا‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬فنان‭ ‬أو‭ ‬فنانة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬مرصوصة‭ ‬بين‭ ‬الأسطر،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬فنانا‭ ‬شهيرا‭ ‬أو‭ ‬مبتدئا،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬أود‭ ‬طرحه‭ ‬هو‭... ‬هل‭ ‬يعي‭ ‬كل‭ ‬فنان‭ ‬حقيقة‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭...‬”الفن‭ ‬رسالة”؟‭.‬

إذا‭ ‬كانت‭ ‬للفن‭ ‬رسالة‭ ‬ذات‭ ‬صفة‭ ‬إنسانية‭ ‬عالمية‭ ‬فلابد‭ ‬لهذه‭ ‬الرسالة‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬منطلقات‭ ‬محلية‭ ‬أصيلة،‭ ‬تتدرج‭ ‬منها‭ ‬نحو‭ ‬معطيات‭ ‬الآخرين‭ ‬الفنية،‭ ‬وهذا‭ ‬التدرج‭ ‬شرط‭ ‬أساسي‭ ‬لفهم‭ ‬تلك‭ ‬المعطيات،‭ ‬ونعني‭ ‬بها‭ ‬المعطيات‭ ‬الفنية‭ ‬الأخرى،‭ ‬وبغير‭ ‬هذا‭ ‬التدرج‭ ‬ليس‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننتظر‭ ‬لجمهورنا‭ ‬أن‭ ‬يجني‭ ‬غير‭ ‬الشعور‭ ‬بالعزلة‭ ‬والغربة‭ ‬الفنيتين‭ ‬تجاه‭ ‬معطيات‭ ‬وتيارات‭ ‬الفن‭ ‬العالمي‭ ‬الهادرة‭ ‬حولنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬اتجاه‭.‬

فنحن‭ ‬إن‭ ‬شئنا‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬أن‭ ‬نسهم‭ ‬حقيقة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬رسالة‭ ‬فنية‭ ‬لها‭ ‬صفة‭ ‬إنسانية‭ ‬وعالمية،‭ ‬فلابد‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬من‭ ‬معطيات‭ ‬فنية‭ ‬محلية‭ ‬أصيلة،‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬هويتنا‭ ‬وطبائعنا‭ ‬وعاداتنا‭ ‬وأغراضنا‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬تكون‭ ‬أساسا‭ ‬صالحا‭ ‬لتركيز‭ ‬عواطفنا‭ ‬الجماهيرية‭ ‬وتوحيدها‭ ‬وتحقيق‭ ‬تآلفها‭ ‬وتعاطفها‭ ‬وتعارفها‭ ‬مع‭ ‬بيئتها‭ ‬وبالتالي‭ ‬انفتاحها‭ ‬على‭ ‬آفاق‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الفهم‭ ‬العميق‭ ‬لمعطيات‭ ‬الفن‭ ‬العالمية‭. ‬

إن‭ ‬رسالة‭ ‬الفن‭ ‬العالمية‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬رسالة‭ ‬الفن‭ ‬المحلي،‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬عاطفة‭ ‬الجمهور‭ ‬والمشاهد‭ ‬وروحيته‭ ‬على‭ ‬مواطن‭ ‬انبعاث‭ ‬الشعور‭ ‬الوطني‭ ‬وتجعلها‭ ‬متوافقة‭ ‬مع‭ ‬معطيات‭ ‬بيئته‭ ‬وتاريخه‭ ‬وآماله‭ ‬وأهدافه‭.‬

المشكلة‭ ‬هنا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للفنانين‭ ‬ليست‭ ‬الجلوس‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬البرامج‭ ‬الحوارية‭ ‬ولوك‭ ‬الكلمات‭ ‬ذات‭ ‬المعاني‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها،‭ ‬إنما‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬الهجوم‭ ‬الكاسح‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬أو‭ ‬السخرية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬أو‭ ‬الاستهزاء‭ ‬المستخف‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مخرج‭ ‬أو‭ ‬فنان‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحمي‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬“الجهل”‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الأعمال‭ ‬المختلفة‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬تسمع‭ ‬من‭ ‬استخف‭ ‬وشتم‭ ‬يقول‭ ‬“الفن‭ ‬رسالة”‭.‬

عموما،‭ ‬ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه،‭ ‬كل‭ ‬فنان‭ ‬تكون‭ ‬لديه‭ ‬نظرة‭ ‬خاصة‭ ‬ومفهوم‭ ‬عن‭ ‬رسالة‭ ‬الفن‭ ‬ودوره،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عددا‭ ‬قليلا‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬يسحرونك‭ ‬بتعريفهم‭ ‬الجميل‭ ‬والصائب‭ ‬لهذه‭ ‬المقولة،‭ ‬التي‭ ‬أخذ‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هب‭ ‬ودب‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭ ‬يرددها،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬معناها‭ ‬أصلا‭.‬