فجر جديد

موقف مع “بويه”

| إبراهيم النهام

ذكر‭ ‬لي‭ ‬الأستاذ‭ ‬أحمد‭ ‬غريب،‭ ‬واقعة‭ ‬غربية‭ ‬حدثت‭ ‬لأبنته‭ ‬مؤخرًا‭. ‬والأستاذ‭ ‬أحمد‭ - ‬للعلم‭ - ‬معلم‭ ‬متقاعد‭ ‬للغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬خدم‭ ‬بالقطاع‭ ‬التربوي‭ ‬بكل‭ ‬إخلاص‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬35‭ ‬عامًا،‭ ‬وكنت‭ ‬ممن‭ ‬تشرفوا‭ ‬بأن‭ ‬تتلمذوا‭ ‬على‭ ‬يديه،‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1991‭ ‬تحديدًا‭.‬

يقول‭ ‬الأستاذ‭ ‬أحمد‭ ‬إنه‭ ‬وأثناء‭ ‬دخول‭ ‬ابنته‭ - ‬وهي‭ ‬طالبة‭ ‬جامعية‭ - ‬لغرفة‭ ‬تغيير‭ ‬ملابس‭ ‬بمتجر‭ ‬بأحد‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬الكبرى،‭ ‬تصادف‭ ‬خروج‭ ‬شاب‭ ‬من‭ ‬الغرفة‭ ‬المجاورة،‭ ‬أعقبها‭ ‬خروج‭ ‬شابة‭ ‬جميلة‭ ‬خلفه،‭ ‬وهي‭ ‬تحمل‭ ‬بيدها‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الملابس‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬قاستها‭.‬

وتقول‭ ‬ابنة‭ ‬الأستاذ‭ ‬أحمد،‭ ‬إنها‭ ‬سألت‭ ‬الفتاة‭ ‬بتعجب،‭ ‬كيف‭ ‬سمحت‭ ‬للشاب‭ ‬بدخول‭ ‬غرفة‭ ‬قياس‭ ‬ملابس‭ ‬السيدات‭ - ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬مكان‭ ‬عام،‭ ‬ولا‭ ‬يخصها‭ ‬لوحدها‭ - ‬فردت‭ ‬عليها‭ ‬بدلع‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬شابا،‭ ‬وإنما‭ ‬فتاة‭ ‬مثلها،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬لأنها‭ ‬“بويه”‭.‬

لحظات‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتفاجأ‭ ‬ابنة‭ ‬الأستاذ‭ ‬أحمد‭ ‬باقتراب‭ ‬“البويه”‭ ‬منها،‭ ‬وهي‭ ‬تتطلع‭ ‬إليها‭ ‬بنظرة‭ ‬نارية،‭ ‬قائلة‭: ‬في‭ ‬مشكلة؟‭ ‬خير؟‭ ‬تجاهلتها‭ ‬ابنة‭ ‬الأستاذ‭ ‬أحمد،‭ ‬وذهبت‭ ‬لمسؤول‭ ‬المبيعات‭ ‬بالمتجر،‭ ‬وأطلعته‭ ‬على‭ ‬الواقعة،‭ ‬لكنه‭ ‬تطلع‭ ‬إليها‭ ‬بقلة‭ ‬حيلة،‭ ‬وهز‭ ‬رأسه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يبدر‭ ‬منه‭ ‬موقفًا‭.‬

ويعلق‭ ‬الأستاذ‭ ‬على‭ ‬الحادثة‭: ‬أنت‭ ‬تعلم‭ ‬يا‭ ‬إبراهيم‭ ‬وأنت‭ ‬من‭ ‬طلبتي،‭ ‬طبيعة‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬أنشأناكم‭ ‬وربيناكم‭ ‬عليها،‭ ‬فلا‭ ‬تعليم‭ ‬بلا‭ ‬تربية،‭ ‬ولا‭ ‬تربية‭ ‬بلا‭ ‬قيم‭ ‬أو‭ ‬مبادئ‭ ‬نعيش‭ ‬لأجلها‭.‬

ويزيد‭: ‬تحرك‭ ‬“البويات”‭ ‬أو‭ ‬الشواذ‭ ‬بأوساط‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬بهذه‭ ‬البساطة،‭ ‬والعفوية‭ ‬المقززة،‭ ‬لا‭ ‬يلزمنا‭ ‬بقبول‭ ‬هذا‭ ‬المنكر،‭ ‬كمسؤولية‭ ‬أخلاقية‭ ‬يتشارك‭ ‬بها‭ ‬الجميع،‭ ‬وهي‭ ‬حجة‭ ‬عليهم‭ ‬فردًا‭ ‬فردًا‭ ‬يوم‭ ‬القيامة،‭ ‬لن‭ ‬نخضع‭ ‬لمن‭ ‬يحاربون‭ ‬دين‭ ‬الله‭ ‬وسنة‭ ‬نبيه‭ ‬بهذه‭ ‬السهولة‭ ‬وبهذا‭ ‬الجهار‭.‬