هذا شهر محوري في مستقبل الموازين الجغرافية السياسية (3)

| راغدة درغام

تتحدث‭ ‬المصادر‭ ‬المطلعة‭ ‬على‭ ‬أجواء‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬مستجدات‭ ‬تصعيدية‭ ‬تريدها‭ ‬القيادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬حوالي‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ (‬يونيو‭)‬،‭ ‬كنقطة‭ ‬انطلاق‭ ‬لإجراءات‭ ‬إيرانية‭ ‬استفزازية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتقول‭ ‬هذه‭ ‬المصادر‭ ‬إن‭ ‬طهران‭ ‬رفضت‭ ‬جميع‭ ‬الوساطات‭ ‬التي‭ ‬طُرحت‭ ‬عليها‭ ‬لتيسير‭ ‬وتسهيل‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬مفاوضات‭ ‬مجدية‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬المساعي‭ ‬اليابانية‭ ‬والعمانية‭ ‬والسويسرية‭ ‬وكذلك‭ ‬الروسية‭. ‬الجواب‭ ‬من‭ ‬طهران،‭ ‬حسبما‭ ‬نقلته‭ ‬المصادر،‭ ‬هو‭: ‬اتخذنا‭ ‬قرارنا‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬التحدّث‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

القيادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬تتخذ‭ ‬قرار‭ ‬استفزاز‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬وهي‭ ‬تدرك‭ ‬تماماً‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬سيضطر‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬الاستفزازات‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬الانجرار‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭. ‬حسابات‭ ‬القيادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الاستفزاز‭ ‬إلى‭ ‬المواجهة‭ ‬ينقذها‭ ‬من‭ ‬الانزلاق‭ ‬إلى‭ ‬الحضيض‭ ‬بسبب‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية‭ ‬التي‭ ‬تطوّقها‭ ‬وتهدد‭ ‬مصيرها‭. ‬إنه‭ ‬قرار‭ ‬استراتيجي‭ ‬ووجودي‭. ‬فالنظام‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬توريط‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬تحشد‭ ‬الدعم‭ ‬الشعبي‭ ‬وراء‭ ‬النظام‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الانقلاب‭ ‬عليه،‭ ‬وتوقظ‭ ‬التعاطف‭ ‬الدولي‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬نفاد‭ ‬الصبر‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬التوسّعية‭ ‬ومشاريعه‭ ‬الصاروخية‭.‬

دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬يفضل‭ ‬ألا‭ ‬يلبي‭ ‬رغبات‭ ‬واستفزازات‭ ‬طهران‭ ‬إلى‭ ‬المواجهة‭ ‬لأنه‭ ‬مقتنع‭ ‬تماماً‭ ‬بأن‭ ‬استراتيجيته‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬خنق‭ ‬النظام‭ ‬عبر‭ ‬العقوبات‭ ‬أدت‭ ‬نتائجها‭ ‬المرجوّة‭ ‬وسيكون‭ ‬مفعول‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مضاعفاً‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة،‭ ‬لذلك‭ ‬يبعث‭ ‬ترامب‭ ‬الرسائل‭ ‬الواضحة‭ ‬والمبطنة‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يوافق‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬جون‭ ‬بولتون‭ ‬في‭ ‬اندفاعه‭ ‬إلى‭ ‬الخيار‭ ‬العسكري،‭ ‬بولتون‭ ‬حصل‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬على‭ ‬وعد‭ ‬بأنه‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬قيام‭ ‬طهران‭ ‬بعمليات‭ ‬استفزازية‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬أميركية‭ ‬أو‭ ‬ضد‭ ‬أهدافٍ‭ ‬حيوية‭ ‬لحلفاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز،‭ ‬سيتخذ‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬قراراً‭ ‬عسكرياً‭ ‬مكّبلاً‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬ألاً‭ ‬يقدّم‭ ‬لطهران‭ ‬ما‭ ‬تبتغيه‭ ‬من‭ ‬استراتيجية‭ ‬الاستفزاز‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬ذهنها‭.‬

موسكو‭ ‬تراقب‭ ‬وتحسب‭ ‬حساباتها‭ ‬الجغرافية‭ ‬–‭ ‬السياسية‭ ‬وتخشى‭ ‬أن‭ ‬تربح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وتخسر‭ ‬روسيا،‭ ‬فإذا‭ ‬نجحت‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬تدجين‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬وتركيا‭ ‬أردوغان،‭ ‬فإنها‭ ‬تنسف‭ ‬بذلك‭ ‬مشاريع‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬وتحالفاته‭ ‬التكتيكية‭ ‬بالذات‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬فالانتخابات‭ ‬التي‭ ‬يريدها‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬ستكون‭ ‬مستحيلة،‭ ‬عملياً،‭ ‬وسينزلق‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬وحل‭ ‬سوريا‭. ‬فوز‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بتركيا‭ ‬وفنزويلا‭ ‬وإيران‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬الموازين‭ ‬الجغرافية‭ ‬–‭ ‬السياسية‭ ‬لصالح‭ ‬واشنطن‭ ‬وعلى‭ ‬حساب‭ ‬روسيا‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬والصين‭ ‬أيضاً‭... ‬الكل‭ ‬يراقب‭ ‬أحداث‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري‭ ‬ويحاول‭ ‬أن‭ ‬يتموضع‭ ‬بذكاء‭ ‬وحذاقة‭ ‬وفي‭ ‬أذهان‭ ‬الجميع‭ ‬قمة‭ ‬مميّزة‭ ‬في‭ ‬أوساكا،‭ ‬لربما‭ ‬تكون‭ ‬مصيرية‭ ‬في‭ ‬موازين‭ ‬الجغرافيا‭ ‬–‭ ‬السياسية‭. ‬“إيلاف”‭.‬