زبدة القول

سؤال بلا إجابة!

| د. بثينة خليفة قاسم

ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تختلف‭ ‬فيها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬حول‭ ‬رؤية‭ ‬هلال‭ ‬العيد،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تقع‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬بقعة‭ ‬جغرافية‭ ‬واحدة‭ ‬وتشترك‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ساعات‭ ‬الليل‭ ‬والنهار‭ ‬تقريبا‭ ‬مع‭ ‬فروق‭ ‬توقيت‭ ‬صغيرة‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الساعة‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬قليلا‭!‬

في‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬رأينا‭ ‬أربعة‭ ‬مشاهد‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬العيد،‭ ‬فهناك‭ ‬دول‭ ‬حسمت‭ ‬المسألة‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬بأن‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬المبارك‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء،‭ ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬حسمت‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬العيد‭ ‬الأربعاء،‭ ‬وهناك‭ ‬أخرى‭ ‬أعلنت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬العيد‭ ‬الأربعاء‭ ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭ ‬من‭ ‬الليل‭ ‬وأعلنت‭ ‬أن‭ ‬العيد‭ ‬الثلاثاء،‭ ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬قالت‭ ‬حساباتها‭ ‬الفلكية‭ ‬إن‭ ‬العيد‭ ‬الثلاثاء‭ ‬ولكن‭ ‬الهيئة‭ ‬الشرعية‭ ‬المنوط‭ ‬بها‭ ‬رؤية‭ ‬الهلال‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬الهلال‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭.‬

وفتحت‭ ‬هذه‭ ‬الاختلافات‭ ‬بابا‭ ‬واسعا‭ ‬للجدل‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬دقة‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬رؤية‭ ‬الهلال،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬يعود‭ ‬ليتفق‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬ذي‭ ‬الحجة‭ ‬بالذات‭ ‬لأن‭ ‬وقفة‭ ‬عرفات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاختلاف‭ ‬حول‭ ‬موعدها‭. ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أتطرق‭ ‬لهذه‭ ‬القضية‭ ‬سعيا‭ ‬لانتقاد‭ ‬أحد‭ ‬أو‭ ‬تأييد‭ ‬أحد‭ ‬أو‭ ‬الانحياز‭ ‬لرؤية‭ ‬بعينها،‭ ‬لكن‭ ‬لكي‭ ‬أطرح‭ ‬أسئلة‭ ‬معينة‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬الفقه‭ ‬وأصحاب‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬الجدل‭ ‬والشك‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يثير‭ ‬حفيظة‭ ‬أهل‭ ‬الفقه‭ ‬لكي‭ ‬يحسموا‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬إلى‭ ‬الأبد،‭ ‬وما‭ ‬المانع‭ ‬أن‭ ‬يجلس‭ ‬علماء‭ ‬الأمة‭ ‬مع‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬ويخرجوا‭ ‬علينا‭ ‬بقول‭ ‬فصل‭ ‬يريح‭ ‬القلوب‭ ‬ويغلق‭ ‬باب‭ ‬الشك‭ ‬والجدل؟

سؤالي‭ ‬الأول‭ ‬هو‭... ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬الاختلاف‭ ‬طبيعي‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬فيه‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬متجاورة‭ ‬يجمعها‭ ‬ليل‭ ‬ونهار‭ ‬واحد؟‭ ‬وهل‭ ‬الحدود‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تلزم‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬أن‭ ‬يفطر‭ ‬ويصوم‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يعلنه‭ ‬المسؤولون‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬الحدود؟‭ ‬

صحيح‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ضرر‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬مسألة‭ ‬الاختلاف‭ ‬هذه‭ ‬وأن‭ ‬العلماء‭ ‬يتحملون‭ ‬المسؤولية‭ ‬أمام‭ ‬الله،‭ ‬لكن‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬حسم‭ ‬المسألة‭ ‬لنزع‭ ‬الشك‭ ‬والتساؤل‭ ‬من‭ ‬نفوس‭ ‬المسلمين‭. ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتبع‭ ‬رأي‭ ‬جمهور‭ ‬العلماء‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يتبع‭ ‬غيره،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬سيقول‭ ‬إن‭ ‬الحسابات‭ ‬الفلكية‭ ‬على‭ ‬العين‭ ‬والرأس‭ ‬لكن‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬الهلال‭ ‬بعيني،‭ ‬ولكنني‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬التوحيد‭ ‬أفضل‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ممكنا،‭ ‬خصوصا‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المتلاصقة‭ ‬جغرافيا‭. ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير‭.‬