الإعلام... سلاح ذو حدين

| زهير توفيقي

تطالعنا‭ ‬صحافتنا‭ ‬المحلية‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‭ ‬بأخبار‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬والتنوع،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يصلنا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬كما‭ ‬تعلمون‭ ‬أكثر‭ ‬سرعة‭ ‬وانتشارا،‭ ‬ولا‭ ‬اعتراض‭ ‬لدي‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬الصحافة‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تعملان‭ ‬معاً‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الاتجاه‭ ‬مع‭ ‬الفارق‭ ‬بأن‭ ‬الأخبار‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬ومصداقية‭.‬

وقد‭ ‬يتفق‭ ‬معي‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬صحافتنا‭ ‬المحلية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الاحترافية‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬نشر‭ ‬الأخبار،‭ ‬فكثيراً‭ ‬ما‭ ‬نطلع‭ ‬على‭ ‬أخبار‭ ‬لا‭ ‬تغني‭ ‬ولا‭ ‬تسمن‭ ‬من‭ ‬جوع،‭ ‬وسبق‭ ‬لكاتب‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬أن‭ ‬نشر‭ ‬عموداً‭ ‬حول‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬الصحف‭ ‬عند‭ ‬نشر‭ ‬بعض‭ ‬أخبار‭ ‬المسؤولين،‭ ‬حيث‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدقة‭ ‬وعدم‭ ‬الاستعجال‭ ‬كما‭ ‬يتطلب‭ ‬تقييماً‭ ‬للخبر‭ ‬قبل‭ ‬نشره،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الشرقية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يستمعوا‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬في‭ ‬أعمالهم‭ ‬المعنية‭ ‬بنشر‭ ‬أخبارهم،‭ ‬إذ‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنهم‭ ‬أكثر‭ ‬فهماً‭ ‬من‭ ‬سواهم‭.‬

كثيراً‭ ‬ما‭ ‬نفتقر‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬إلى‭ ‬ثقافة‭ ‬احترام‭ ‬تخصصات‭ ‬الآخرين‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬معني‭ ‬بعمله،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ (‬professionalisms‭) ‬في‭ ‬علم‭ ‬الإدارة،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬يعتقد‭ ‬المسؤولون‭ ‬بأن‭ ‬التحفظ‭ ‬على‭ ‬الخبر‭ ‬من‭ ‬سلبيات‭ ‬القسم‭ ‬المختص‭ ‬بكتابة‭ ‬الخبر،‭ ‬ولا‭ ‬يتقبلون‭ ‬الموضوع‭ ‬بصدر‭ ‬رحب‭ ‬أو‭ ‬إيجابية،‭ ‬ويقول‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ (‬عط‭ ‬الخباز‭ ‬خبزه‭ ‬لو‭ ‬أكل‭ ‬نصه‭)‬،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر،‭ ‬تفاجأت‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬بنشر‭ ‬خبر‭ ‬قيام‭ ‬أحد‭ ‬الوزراء‭ ‬بتقديم‭ ‬العزاء‭ ‬لإحدى‭ ‬العوائل‭ ‬بوفاة‭ ‬أحد‭ ‬الأقارب،‭ ‬وهو‭ ‬واجب‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬كُل‭ ‬الوزراء‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬دون‭ ‬نشر‭ ‬الخبر‭.‬

يدرك‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬الصحافة‭ ‬سلاح‭ ‬ذو‭ ‬حدين،‭ ‬وفي‭ ‬اعتقادي‭ ‬الشخصي‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬خبرتي‭ ‬الطويلة‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬تقييم‭ ‬الأخبار‭ ‬قبل‭ ‬إرسالها‭ ‬إلى‭ ‬الصحافة‭ ‬سيؤدي‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬إلى‭ ‬دفع‭ ‬ثمنٍ‭ ‬غال‭. ‬هناك‭ ‬بروتوكول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬والعلاقات‭ ‬العامة‭ ‬فن‭ ‬وعلم‭ ‬قائم‭ ‬بذاته،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬الواجبات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والدينية‭ ‬وبين‭ ‬مهمات‭ ‬العمل‭ ‬الرسمية،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬عندما‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬مسؤول‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬بتقديم‭ ‬التعازي‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬سفارة‭ ‬من‭ ‬سفارات‭ ‬السلك‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬فهذا‭ ‬عمل‭ ‬دبلوماسي‭ ‬بحت‭ ‬ومتبع‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭.‬

الخلاصة،‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬كل‭ ‬مسؤول‭ ‬بالتأني‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬أخباره‭ ‬أو‭ ‬أخبار‭ ‬مؤسسته‭ ‬وعليه‭ ‬دراسة‭ ‬أبعاد‭ ‬الخبر‭ ‬قبل‭ ‬نشره‭ ‬والاستماع‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬إعداد‭ ‬الأخبار‭ ‬بمؤسسته‭ ‬كي‭ ‬تكون‭ ‬المسؤولية‭ ‬مشتركة‭ ‬ويضمن‭ ‬إرساء‭ ‬ثقافة‭ ‬عمل‭ ‬صحيحة‭ ‬وزرع‭ ‬روح‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬الواحد‭ ‬داخل‭ ‬مؤسسته‭.‬